الإجهاد باختصار هو شعورك بفقدان السيطرة، وقد أُجريت العديد من البحوث حول الإجهاد وأسبابه، من هذه البحوث تلك التي أجراها الدكتور كارل ألبريكت، وهو استشاري في الإدارة يقيم في كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعد من الرواد في التدريب على تقليل الإجهاد لرجال الأعمال، وقد تحدث في كتابه “الإجهاد والمدير” (Stress and the Manager) عن أربعة أنواع للإجهاد وعن كيفية التعامل معها.
أسباب الإجهاد بشكل عام
يشير د.كارل إلى السبب العام الذي جعل العالم اليوم يعاني من هذه الظاهرة، وهو التحول الرقمي المتسارع الذي نعيشه، إن محاولة مواكبة هذا التسارع تشكل ضغطاً وعبئاً يثقل كاهل الأشخاص سواءً في أعمالهم أو منازلهم، ومقارنةً مع الماضي فإن العالم اليوم يتطلب كثيراً من الجهد والوقت للتفاعل معه بصورةٍ صحيحة.
أشكال الإجهاد الأربعة
قسم د.كارل الإجهاد إلى أربعة أنواع بناءً على السبب الرئيسي الذي يؤدي إليه، هذه الأنواع هي:
- الإجهاد الوقتي.
- الإجهاد التوقعي (الاستباقي).
- الإجهاد الظرفي.
- إجهاد المواجهة.
1- الإجهاد الوقتي
هذا الإجهاد ينتج عن شعور الشخص بعدم كفاية الوقت الذي يملكه للقيام بالمهام المطلوبة منه، مما يشعره أنه محاصر وأحياناً قد يفقد الأمل في إنجاز المطلوب. تعد مواعيد التسليم النهائية (Final Deadline) أو الاجتماعات المجدولة والتي تخشى أن تفوتك من الأشكال الشائعة لهذا الإجهاد.
ضبط إجهاد الوقت
يعد هذا الشكل من الإجهاد من الأكثر شيوعاً هذه الأيام، ثورة الاتصالات التي سهلت التواصل السريع بين أرجاء العالم المختلفة جعلت الإنجاز السريع للمهام من المتطلبات الأساسية في أي عمل أو وظيفة، لذلك من المهم تعلم كيفية ضبط ومعالجة هذا النوع من الإجهاد.
أولاً، من المهم تعلم مهارات إدارة الوقت، هذه المهارات ستساعدك على توفير مزيد من الوقت خلال اليوم، مما سيمكنك من أداء المزيد من المهام، من هذه المهارات التي يُنصح بها عمل جدول مهام يومي، وجدول أهداف أسبوعي.
ثانياً، عليك أيضاً أن تخصص جل وقتك للأولويات المهمة في حياتك، هذه الأولويات هي الأعمال التي تساعدك على تحقيق أهدافك الحالية أو الاستراتيجية، من السهل أن تعلق في تنفيذ مهام ليست ذات أولوية، وهذا يجعلك تشعر بعدم الإنجاز في نهاية اليوم مما قد يصيبك بالإحباط. لذلك احرص على تحديد أولوياتك وجعلها محط اهتمامك والتركيز عليها.
من المفيد أيضاً أداء هذه المهام في أوقات التركيز الشديد والصفاء الذهني، وقد يكون الصباح من أفضل الأوقات التي تستطيع إنجاز أعمالك فيها بكفاءة عالية. بالتالي يمكن تأجيل المهام الأقل أهمية والتي لا تتطلب جهداً (مثل تفقد البريد الالكتروني) إلى أوقات أخرى.
أخيراً كن حازماً –لكن مهذباً في ذات الوقت- في رفض المهام التي لا تملك وقتاً أو قدرةً على القيام بها.
2- الإجهاد التوقعي (الاستباقي)
ينتج هذا الإجهاد بسبب القلق من المستقبل وما قد يحمله من أحداث، أو من متابعتك لحدث معين تتوقع أن يحيد عن مساره الصحيح، كعرض عليك تقديمه بعد أسبوع، أو الرهبة بشكل عام مما هو قادم.
ضبط الإجهاد التوقعي
من المهم لضبط هذا النوع من الإجهاد تعلم كيفية التفكير بإيجابية، والتركيز على أن ما تخشى حدوثه في المستقبل لا يؤثر عليك في الحاضر، تشير البحوث أن عقلك – على المستوى العصبي الأساسي – لن يميز بين حدث تتخيل بشكل متكرر حدوثه كما يجب، وبين حدث قد تم بالفعل كما يفترض أن يكون. الأثر الإيجابي في كلتا الحالتين سيكون واحداً، وهو تخليصك من الضغط الناتج عن التفكير المستمر في المستقبل.
قد ينتج هذا الإجهاد أيضاً بسبب نقص الثقة، فمثلاً: قلقك من أن العرض الذي عليك تقديمه بعد أسبوع سيكون مملاً، التدريب والتحضير الجيد لمثل هذه الأحداث سيساعدك على تجاوزها بشكل أفضل.
من المفيد أيضاً تخصيص وقت يومي –ولو كان قصيراً- للتأمل وتصفية الذهن، العبادات والتواصل الروحي من الأمور المهمة التي تساعد على الاطمئنان، بشكلٍ أساسي فإن الثقة بما كتبه الله وقدّره سيكون من أفضل العوامل التي تساعد على إزالة التوتر والقلق.
3- الإجهاد الظرفي
هذا الإجهاد ينشأ بسبب موقف يحدث فجأةً دون توقع منك، على سبيل المثال: أنت تشارك في اجتماع مهم تحول فجأة إلى خلاف كبير بين أعضاء الفريق، يضعك هذا تحت ضغط كبير قلقاً مما ستؤول إليه الأحداث.
ضبط الإجهاد الظرفي
الأحداث التي تسبب مثل هذه الإجهادات تكون غالباً غير متوقعة. قد يساعدك تعلم مهارات حل المشكلات في تفادي الضرر عند وقوع مثل هذه الأحداث، حاول تخيل جميع السيناريوهات المحتملة وكيفية التعامل مع كل منها، هذا سيجعلك أكثر قدرةً على التعامل مع المواقف المفاجئة، ومن المهم أيضاً تعلم كيفية ضبط النفس والمشاعر في الأحداث المختلفة.
4- إجهاد المواجهة
ينشأ هذا الإجهاد بسبب الأشخاص وكيفية التفاعل معهم.
مثلاً: عند مواجهة شخص معين أو فئة معينة من الأشخاص لا تستسيغ أفعالهم أو لا يمكنك التنبؤ بتصرفاتهم.
يحدث هذا عادةً في الوظائف التي تتطلب التفاعل مع عدد كبير من العملاء أو الزبائن، كالمعالجين النفسيين والموظفيين الحكوميين.
ضبط إجهاد المواجهة
لأن هذا الإجهاد يتركز حول الأشخاص، فإن صقل مهارات التواصل (تُسمى أيضاً المهارات الناعمة (Soft Skills)) يُعد من أفضل الطرق لضبطه ومعالجته، من المهم أيضاً صقل الذكاء العاطفي لديك وتطويره، والذكاء العاطفي هو القدرة على التنبؤ بمشاعر الآخرين ورغباتهم واحتياجاتهم.
لكل شخص منا قدرة على التفاعل مع عدد معين من الأشخاص كل يوم، تختلف هذه القدرة من شخص لآخر، لكن عندما تشعر أنك بدأت العمل بطريقة آلية دون وعي، وقد تتصرف بجفاء مع من حولك، فقد وصلت إلى حدك اليومي، عليك حينها أن تأخذ استراحة قصيرة لتستعيد توازنك، امشِ قليلاً أو اشرب كأساً من الماء ثم تابع عملك.
وأخيراً تعلم مهارة التعاطف مع الآخرين، هذا يساعدك على رؤية الأحداث من منظورهم، مما سيمكنك من التفاعل معهم بإيجابية أكبر.
نصيحة
في مرحلةٍ ما، سنعاني جميعاً من الإجهاد، هذه طبيعة الحياة، لا بأس بذلك، كل ما عليك فعله هو أن تسترخي، خذ نفساً عميقاً، فكر بالأمور بعقلانية، امنح نفسك فترات راحةٍ مناسبة، وكن أكثر وعياً لذاتك وقدراتك. وتذكر أن الملاذ الأهم من الضغوط والإجهادات هو الثقة بالله وبما اختاره لك.
المصادر
- أنواع الإجهاد الأربعة لألبيركيت، تم استرجاع الصفحة بتاريخ 30/11/2020
- الإجهاد والمدير، كارل ألبيركيت، ردمك: 9781451602692.
- أربعة أنواع من الإجهاد لألبيركيت، ملخص بسيط، تم استرجاع الصفحة بتاريخ 30/11/2020