كان الحجاج بن يوسف الثقفي شديد البطش بمعارضيه، لا يتوانى عن رفع سيفه، وكان النّاس إذا أصبحوا في زمان الحجاج بن يوسف الثقفي يتساءلون إذا تلاقَوا من قُتل البارحة ومن صُلب ومن جُلد ومن قطِّع وإلى ما غير ذلك من تسلُّط الحجاج وبطشه بالناس.
وكان الخليفة الأُموي الوليد بن هشام صاحب ضياع ومصانع فكان الناس يتساءلون في زمانه عن البنيان والمصانع والضياع وشق الأنهار وغرس الأشجار، ولما ولي الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك وكان صاحب طعام ونكاح كان الناس يتحدثون ويتساءلون في الأطعمة الرفيعة ويتغالون في المناكح والسراري ويعمرون مجالسهم بذكر ذلك، ولما ولي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كان الناس يتساءلون كم تحفظ من القرآن وكم وردك كل ليلة وكم يحفظ فلان وكم يختم وكم يصوم من الشهر وما أشبه ذل.
فينبغي للإمام أن يكون على طريقة الصحابة والسلف رضي الله عنهم ويقتدي بهم في الأقوال والأفعال فمن خالف ذلك فهو لا محالة هالك وليس فوق السلطان العادل منزلة إلا نبي مرسل أو ملك مقرب، وقد قيل: إن مثله كمثل الرياح التي يرسلها الله تعالى بشرّا بين يدي رحمته فيسوق بها السحاب ويجعلها لقاخا للثمرات وروخا للعباد.
المراجع
- قصص العرب، الجزء الأول، محمد أحمد جاد المولى، المكتبة العصرية، 1939.