حَكَم العثمانيون الأراضي العربية لمدةٍ تزيد على الأربعة قرون، وبعد انهيار الدولة العثمانية وتقسيم تركتها بين الدول الأوروبية مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا قامت نزعات قومية ووطنية على الأراضي العثمانية السابقة. كان تركيز قوى الاستعمار الأوروبي مستعينةً ببعض الموالين المحليين هو تشويه الإرث العثماني وتصوير العثمانيين كقوى احتلال. لكن هل تخلى العرب والأتراك حقاً عن انتمائهم العثماني؟ بعد فحص تاريخي دقيق مع تركيزنا على الجانب الفلسطيني والفهم الفلسطيني لصراع الاستقلال التركي أن الولاءات العثمانية والإسلامية استمرت بين كل من الأتراك والعرب.
بعد نهاية الحرب العالمية الأولى، شجب القادة القوميون والمؤرخون الحكم العثماني. في سياق المواجهة العربية مع الاستعمار الأوروبي، تم تصوير الفترة العثمانية على أنها أربعمائة سنة من القمع التركي للأمة العربية، على الرغم من عدم وجود حركة عربية سياسية وطنية قد أثبتت أي شعبية واسعة قبل الحرب العالمية الأولى أي خلال الحكم العثماني (1). كما قام بعض الصحفيين مثل الصحفي جورج أنطونيوس بتشويه الإرث العثماني والمبالغة في دعم الثورة العربية والشريف حسين في مكة (2). اعتبر جيل من العلماء القوميين العرب أن الحقبة العثمانية كانت حقبة “كئيبة وغير مريحه” (3). كان المحتلون الأوروبيون -ومنهم على سبيل المثال الحكام البريطانيون في فلسطين حريصين على تصوير الحكم العثماني على أنه مدمر لدرجة أنه اضطر الأوروبيين للتدخل لوقف الاستبداد “التركي” (4).
تتناقض هذه الروايات القومية والاستعمارية مع أعمال مجموعة جديدة من المؤرخين الذين يرون الإمبراطورية العثمانية هي جزءٌ لا يتجزأ من الهوية العربية استمرت لغاية وحتى أثناء الحرب العالمية الأولى (5). استمرت هذه العلاقة العثمانية حتى بعد أن تلاشت السلطة العثمانية في الولايات العربية خلال الحرب العالمية الأولى، حيث حافظ العرب على روابط ثقافية وسياسية ودينية مع الشخصيات العثمانية والشعب التركي، بدلاً من السعي الجاد إلى الطلاق من تراثهم العثماني كما أوهمنا مؤرخوا حقبة الإستعمار الأوروبي.
يلاحظ أحد المؤرخين أن الحرب بالنسبة للعديد من العرب لم تفعل أكثر من مجرد إعادة رسم الخطوط على الخريطة، فقد فصلتهم عن “الشبكات الإيديولوجية والثقافية التي تربطهم بالمركز العثماني الذي كان بمثابة أساس لهويتهم وإحساسهم بالذات. ” (6) من الأمثلة على كيفية بقاء الهوية العثمانية وثيقة الصلة بالعرب هو الدعم الواسع النطاق في فلسطين للصراع في الأناضول 1919-1922 ضد الجيوش الأوروبية التي عرفت فيما بعد باسم حرب الاستقلال التركية. تابع الفلسطينيون باهتمام أحداث حرب الاستقلال التركية، ودمجوا الصور والشخصيات والأحداث القومية والدينية وانهيار الإمبراطورية العثمانية، ومكاتب السلطان والخليفة، وحركة المقاومة، وقائدها مصطفى كمال، في خطاب واحد داعم للأتراك. وهذا تعبير عن هوية متجذرة للإسلام، وتراث أربعة قرون من الحكم العثماني، والمعارضة المشتركة بين العرب والأتراك للحكم الأوروبي.
الفترة الإنتقالية بين 1917 -1922
السنوات بين 1917 و 1922، من بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين إلى النصر العسكري الكمالي على اليونانيين والإعلان الرسمي للانتداب على فلسطين، مثيرة للاهتمام بشكل خاص لفهم كيفية رد العرب على نهاية الحكم العثماني. كان إنشاء الانتداب البريطاني في فلسطين وقيام الجمهورية التركية عمليتين تدريجيتين، وليس انفصالًا مفاجئًا بين الحكم العثماني ووإحلال أنظمة الاستعمارية أو القومية في الولايات العربية. من وجهة نظر السكان المعاصرين لهذه الحقبة في كلٍ من فلسطين والأناضول وتراقيا، فإن نتيجة الحروب لم تكن معروفة، و في تلك الفترة تداخلت الولاءات القديمة للعثمانيين مع المنافسين الناشئين من قوى الإستعمار والقوميين، ولم يكن قد تم ترتيب أي نظام سياسي إقليمي بشكل واضح. باختصار ، شكلت هذه السنوات الانتقالية فترة غموض بين الأنظمة السياسية. ما شهدته الإمبراطورية العثمانية المنهارة من أحداث وما فعلته خلال هذه الفترة الحاسمة يتناقض ويتحدى الطعون الوطنية بشأن الولاءات التي يفترض أن الشعوب قدمتها على الفور لدولهم الناشئة.
في أواخر عام 1917 ، بعد فترة وجيزة من التعهد البريطاني في وعد بلفور بدعم إنشاء “وطن قومي” يهودي في فلسطين، بدأت بريطانيا في طرد القوات العثمانية من فلسطين. في سبتمبر 1918، كسرت قوات الحلفاء المقاومة العثمانية في فلسطين واحتلت المدن الرئيسية في سوريا العثمانية قبل هدنة في نهاية أكتوبر 1918 أنهت القتال. أشرف على انسحاب القوات العثمانية من سوريا الجنرال مصطفى كمال، أحد أبطال جنق قلعة غاليبولي، ومن ثم أصبح القائد الرئيسي للمقاومة العثمانية ضد مخططات الحلفاء لما بعد الحرب.
حكمت بريطانيا فلسطين تحت إدارة عسكرية حتى تشكيل إدارة مدنية في يوليو 1920. سبق ذلك في مارس 1920 إعلان المؤتمر السوري العام (الذي اجتمع لأول مرة في يوليو 1919 وضم أعضاء فلسطينيين سابقين في البرلمان العثماني) الأمير فيصل بن الحسين ملكًا لسوريا موحدة، التي تشمل بلاد الشام وهي سوريا الحالية ولبنان وفلسطين وشرق الأردن. واًصبحت سوريا دولة عربية بحكم الواقع.
في فلسطين، اجتمعت المعارضة ضد الدعم البريطاني للصهيونية في المؤتمر العربي الفلسطيني في يناير 1919 وتم التعبير عنها في الاحتجاجات المَدنية في أبريل 1920. وفي نفس الشهر أوضح مؤتمر سان ريمو نوايا بريطانية وفرنسية لحكم الولايات العربية السابقة على أنها “انتدابات” من عصبة الأمم، ومنها الانتداب البريطاني لفلسطين الذي تضمن وعد بلفور. بحلول الصيف ، عززت بريطانيا وفرنسا حكمهما، حيث بدأت بريطانيا الإدارة المدنية في فلسطين وطُرد فيصل بن الحسين من سوريا في يوليو 1920. تم ضمان الاعتراف العثماني بشروط سان ريمو بموجب معاهدة سيفر التي تم إبرامها في الشهر التالي (7).
معاهدة سيفر كانت مذله للعثمانيين وشكلت دولاً من قوميات مختلفة على الأراضي العثمانية ومن ضمنها أرمينيا وأعطت امتيازات كبيرة لبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في الدولة العثمانية بحيث انتزعت منها حريتها في كل شيء، ربما يمكننا القول أنها كانت معاهدة استسلام بمعنى أو بآخر. لم ترق الاتفاقية لقيادات في الجيش العثماني خاصةً عندما احتل الحلفاء رسمياً اسطنبول في مارس 1920 وأصبح السلطان أسيراً في أيديهم. وبهذا شكلوا نواة جكهورية تركية في أنقرة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، وبالتالي قادوا حركة مقاومة ضد الاتفاقية وانتصروا في عدة معارك ضد الأرمن واليونانيين في إزمير مما اضطر الحلفاء للتفاوض مع حكومة الجمهوريين في أنقرة من جانب وحكومة السلطان من جانب آخر، ولكن حكومة أنقرة قررت عزل السلطان وإنهاء الخلافة العثمانية وتشكيل جمهورية قومية تركية على أنقاض الدولة العثمانية. تطلبت هذه الانتصارات إعادة التفاوض على معاهدة سيفر. عندما دعا البريطانيون كلا من إسطنبول وأنقرة لإرسال ممثلين إلى المؤتمر في لوزان ، استجابت الجمعية الوطنية الكبرى في أنقرة لهذه المحاولة لتقسيم الوفد العثماني بإلغاء السلطنة في (نوفمبر 1922). أبرمت معاهدة لوزان في يوليو 1923، وخضعت إلى حد كبير لشروط الكماليين (الجمهوريين)، أعقبها في أكتوبر إعلان الجمهورية التركية وفي مارس التالي من عام 1924 إلغاء الخلافة وطرد العائلة العثمانية من ما يعرف اليوم بتركيا من قبل الكماليين.
تجلى هذا الحد في العلاقات التي حافظ عليها الفلسطينيون مع الإمبراطورية العثمانية: حيث استمر العديد من المسلمين في احترام السلطة الاسلامية العثمانية الذي يجسدها الخليفة السلطان. كما لم يعتبر الفلسطينيون الأتراك قوة احتلال سابقة ولكن كإخوه لهم مسلمين ذين يخوضون مقاومةً مماثلةً ضد الاحتلال الأوروبي، واعتبروا مصطفى كمال زعيما يحتذى به. هذا التناغم الفلسطيني مع الأتراك ، ودعم الحركة الكمالي، والاستمرار في احترام الخليفة السلطان يتناقض مع الأطر الاستعمارية والقومية اللاحقة. وبناءً على هذه المعطيات فإن جميع الفلسطينيين بالمعنى القانوني، والعديد من الفلسطينيين بالمعنى العاطفي، ظلوا مواطنين عثمانيين حتى قانون عام 1925 الذي يتضمن أحكام معاهدة لوزان التي نصت على إصدار الجنسية الفلسطينية بدلاً من العثمانية (10). ظهر التوافق الفلسطيني مع الحركة الكمالية متناغماً لخطوطها العريضة بالحفاظ على الإرث العثماني وحمايته. ومع تغيير منهج الحركة الكمالية نحو إقامة جكهورية قومية علمانية بدأت تتشكل في فلسطين هوية قومية.
الفلسطينيون والحركة الكمالية
تجلى الدعم الفلسطيني للعثمانيين والحركة الكمالية بشكل مختلف من قبل شرائح مختلفة من السكان. حيث أظهرت الطبقة الشعبية الفقيرة والمتوسطة من الريف والمدن تضامنها مع الأتراك كإخوة مسلمين يقاومون الجيوش الأوروبية. بينما استجابت النخبة السياسية الفلسطينية بأسلوب سياسي مُتحفظ ومدروس وهم يتابعون نضالهم ضد سلطات الاحتلال البريطانية.
بقي موقف النخبة من السياسيين الفلسطينيين متحفظاً بعض الشيء مختلفاً عن التأييد الشعبي حتى انتصار الكماليين على الإغريق والحلفاء في الإناضول وخاصةً في معركة سقاريا في صيف 1921 حتى أوائل خريف 1922. خلال هذه المرحلة الأخيرة، تم تبني الدعم الشعبي البسيط إلى حد ما والمعبر عنه دينياً للأتراك من قبل نخبة القادة السياسيين الفلسطينيين، وخاصة اللجنة التنفيذية العربية، (11) كأداة سياسية في صراعهم مع البريطانيين. أجبر الانتصار العسكري الكمالي الحلفاء على إعادة التفاوض على معاهدة سيفر، ورأت القيادة الفلسطينية في مؤتمر لوزان فرصة لعكس تأييد سيفر للانتداب (الاحتلال البريطاني لفلسطين). لذلك سعوا للحصول على دعم دبلوماسي تركي، وحاولوا الاستفادة من شعبية كمال الدولية لجذب دعم مسلم أوسع للقضية الوطنية الفلسطينية، ودمجوا صور وشخصيات المقاومة التركية كجزء من صراع داخل النخبة السياسية للسيطرة على الحركة القومية.
البعد الإسلامي للنضال التركي والرد الفلسطيني
لقد حجبت العلمانية العدوانية والقومية التركية والجمهورية في تركيا بعد عام 1923 حقيقة أن الحركة الكمالية قدمت نفسها على أنها حركة للدفاع عن الشرعية العثمانية والهوية الإسلامية والتضامن الإسلامي. لَعب مصطفى كمال ومن معه على حبل العواطف واستخدم الكماليون البلاغة والصور والرموز العثمانية الإسلامية لتلعب دورًا كبيرًا في حشد الدعم في العالمين الإسلامي والعربي، بما في ذلك فلسطين. وقد ساهمت الهوية الإسلامية لغالبية الفلسطينيين، وشرعية الأسرة العثمانية التي أسستها أربعمائة سنة من الحكم ، وبحث الفلسطينيين عن دعم المسلمين في صراعهم مع البريطانيين والصهاينة، والنجاحات العسكرية للمقاومة الأناضولية. لدعم الفلسطينيين للأتراك، وخاصة على المستوى الشعبي.
الشرعية العثمانية و الخليفة السلطان
لم يكن هناك تعبيرات أو إشارات إلى هوية وطنية تركية جديدة في البيانات الكمالية، بل على العكسكان التركيز الساحقفي بيانات الحركة الكمالية يركز على الحفاظ على الحقوق العثمانية والمسلمة. كما شدد إعلان مؤتمر سيفر في سبتمبر 1919 والميثاق الوطني على حد سواء على “الحفاظ على” و “استمرار وجود” السلطنة والخلافة. (12) حدد مصطفى كمال بنفسه أهداف الحركة بأنها الحفاظ على “وحدة أراضي الوطن العثماني” والدفاع عن “حقوق الخلافة والعرش”. (13) حتى بعد أن حاولت حكومة إسطنبول تقويض الكماليين في أبريل 1920 من خلال إصدار شيخ الإسلام فتوى تأمر المسلمين بمعارضة “المتمردين – الكماليين”، حصل القوميون الكماليون على فتواهم الخاصة بإعلان خيانة حكومة اسطنبول كونها حكومة تقع تحت ظل احتلال. على الرغم من العداء بين اسطنبول وأنقرة (بما في ذلك الحرب الأهلية في عام 1920)، حتى أواخر عام 1922، اعترفت الجمعية الوطنية الكبرى في أنقرة بسلطة الخليفة السلطان وشددت على أنها تحارب من أجل الحفاظ على السلطنة والخلافة، التي كانت غير قادرة على التصرف بسبب احتلال الحلفاء لاسطنبول.
على الرغم من أن السلطان أصبح رمزاً للدولة فقط بدون صلاحيات تذكر بعد انقلاب عام 1908 على السلطان عبد الحميد الثاني آخر خليفة فعلي للمسلمين ، ناهيك عن فقدان اسطنبول للسيطرة على الولايات العربية المنقسمة، كان ضغط الكماليين على تأييد الشرعية العثمانية متجددًا في فلسطين، حيث كان السلطان بصفته خليفة الرمز المبجل للهوية الإسلامية. (14) انعكست السلطة الدينية المستمرة للسلطان (أمير المؤمنين) في الدعاء له في صلاة الجمعة -إشارة إسلامية تقليدية للسيادة – في المساجد الفلسطينية، لكن منذ أواخر العام 1920 ؛ ولمدة عامين كان الأئمة يدعون لأمير المؤمنين بدون ذكر اسم الخليفة العثماني صراحةً. (15) استمر هذا الاعتراف العام بسلطة الخليفة طوال هذه الفترة. على سبيل المثال، أفاد مراسل صحيفة التايمز اللندنية أن “الإشارات إلى الخليفة السلطان قد تم الترحيب بها في عدة مناسبات” في احتفالات النبي موسى عام 1922. (16) احترام الفلسطينيين لسلطان الخليفة المستمد من مكانته التقليدية كرئيس للأمة (الجالية المسلمة)، لكنه ربما كان أيضًا المستفيد من الحماس لانتصارات الكماليين على الرغم من أنه وصف القوميين الكماليين بـ “المتمردين” . (17) على المستوى الشعبي، استمر الإخلاص لسلطة الخليفة العثماني حتى بعد إلغاء السلطنة، وفي نهاية المطاف، الخلافة.
استمر الفلسطينيون في إظهار دعمهم للخليفة عبد المجيد (المعين بعد إلغاء السلطنة في نوفمبر 1922) ضد مزاعم المتنافسين من العائلة المالكة المصرية والهاشميين في مكة. (18) بعد أن ألغت الجمهورية التركية الخلافة ونفت عبد المجيد في مارس 1924، رفض المسلمون الفلسطينيون بشدة مطالبة الشريف حسين أمير مكة، زعيم الثورة العربية، بالخلافة. يبدو ذلك جلياً عند زيارة الحسين بن علي المجدل في جنوب فلسطين، سَخِرت منه حشود كبيرة بالصراخ “يسقط الملك حسين! يعيش عبد المجيد”، حيث كان الخليفة منفياً في الهند. هدّد المصلون مُفتي المجدل بعد أن دعى للحسين كخليفة أثناء الصلاة، وحذروه من تكرار هذا الدعاء. (19)
كما لجأت القيادة السياسية الفلسطينية، ومعظم أعضائها من المسلمين الحضريين البارزين، إلى اللجوء للرمز الديني القوي المتمثل في الخليفة السلطان العثماني، ممأكدةً أن صراعهم مع البريطانيين والصهيونية هو صراع ديني عَزّزهُ التزام بريطانيا بسياسة الوطن القومي اليهودي في فلسطين. خلال محادثات لندن (أغسطس 1921 – يوليو 1922) بين السلطات البريطانية والوفد العربي الفلسطيني الأول، تم توجيه نداء مباشر إلى الخليفة السلطان العثماني لإثبات المُلكية العربية والإسلامية لفلسطين وتقويض الدعم البريطاني للصهيونية.
وفي برقية أُرسلت في أبريل 1922 إلى “جلالة السلطان الخليفة العثماني” ، حدد الوفد – الذي ضم عدة مسيحيين وانتخبهم المؤتمر العربي الفلسطيني الرابع معبرين عن مختلف طوائف وأديان الشعب الفلسطيني – نفسه على أنه أرسل من قبل “مسلمي فلسطين” ، وذلك بهدف إبراز المرجعية الإسلامية للحركة الوطنية الفلسطينية. وشدد الوفد على التهديد الذي يشكله إنشاء دولة يهودية في فلسطين على المسلمين ، الأمر الذي من شأنه أن يدمر استقلالهم ويضع “اليهود سادةً في الأرض المقدسة”. وحث الوفد السلطان خليفة المسلمين على التدخل، مؤكداً أن “قلب الإسلام الجريح يناشد رحمة جلالتك بالتصديق على هذا [الاتفاق] حتى لا يكون من المستحيل معالجة هذه المشكلة”. (20) وبعد أن وافقت عصبة الأمم على الانتداب على فلسطين، والذي تضمن وعد بلفور، في يوليو 1922، قام “وفد” فلسطيني مسلم آخر بالتواصل مع السلطان الخليفة وغيره من الزعماء المسلمين المعارضين على سياسة بريطانيا المؤيدة للصهيونية. وقد تم تصميم هذه المناشدات النخبوية للسلطان العثماني الخليفة ضمنيًا على الأقل لإثارة القلق بين حكام فلسطين البريطانيين.
وقد ذكر مراسل صحيفة نيويورك تايمز، بأن النداء الأخير كان أداة “لإثارة الحماسة الدينية الإسلامية ضد الصهاينة” ولإثارة المشاعر التي تؤدي إلى “اندلاع احتجاجات”. (21)
كما استغل قادة النخبة الفلسطينية الأهمية الرمزية لسلطة الخليفة في محاولة لكسب دعم المسلمين لإعادة فتح قضية فلسطين في مؤتمر لوزان. نظم المسلمون الهنود، الذين اهتموا بمصير الخليفة العثماني، عام 1919 “حركة الخلافة” لحماية بقاء الخليفة. في مايو 1922، اتصل الوفد الفلسطيني في لندن بـ “المجلس الهندي المركزي لمنظمة الخلافة الإسلامية” ، على الأرجح، كما يعتقد يهوشوا بوراث، للمساعدة في كسب تأييد الأتراك. حيث كان لدى القادة الأتراك شكوك في النوايا العربية بسبب الثورة العربية الكبرى أثناء الحرب، ولم يكن لديهم تلك الشكوك باتجاه مسلمي الهند، الذين لم يتعاطفوا أو يؤيدوا الشريف حسين وأقاموا علاقات جيدة مع الأتراك. (22) كتب الوفد العربي الفلسطيني رسالةً طويلةً لحركة الخلافة شدد فيها على ضرورة الوحدة الإسلامية، وتضمنت الرسالة اقتباسات من القرآن الكريم والحديث الشريف لتقديم ثوابت لاهوتية لحجتهم ، منتهيًا بالنداء ، “الله أكبر ، والقوة في الوحدة والوحدة من بين واجبات الدين التي تجلب الحماية والنجاح للدول”. (23) عكس نهج الوفد الفلسطيني تجاه حركة الخلافة بعدًا إسلاميًا آخر للنضال التركي والفلسطيني ، وهو التضامن الإسلامي الدولي.
الجوانب الإسلامية للقضيتين التركية والفلسطينية
إن الإحساس المستمر بالشرعية العثمانية في فلسطين والغموض المدروس للحركة الكمالية تجاه حكومة السلطان في اسطنبول قد اجتمعا لجعل شخصية الخليفة السلطان رمزًا مهمًا لكل من الفلسطينيين والأتراك معاً. كما يبين انفتاح الوفد الفلسطيني على حركة الخلافة في الهند، كان هناك جانب إسلامي آخر لكلا الصراعين: فكرة التضامن الإسلامي الشامل للمجتمع المسلم، أو الأمة.
في أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الدولة العثمانية هي القوة الإسلامية الرئيسية الوحيدة التي نَجَت من الاستعمار الأوروبي حيث يعد السلطان العثماني خليفة المسلمين المعتمد من أغلب المسلمين في العالم، (24) وهذا جعل من اسطنبول مرجع المسلمين في جميع أنحاء العالم.
في أعقاب الحرب العالمية الأولى، كان الكماليون يقاومون بنجاح فرض حكم غير مسلم على الأراضي الإسلاميةوبهذا عززوا سُمعتهم. كان المسلمون الفلسطينيون، وهم حماة ثالث أقدس مدينة إسلامية وشاركوا في صراع ضد قوة صليبية تهدف إلى إقامة دولة يهودية في ما يعتبرونه أرضًا إسلامية، عرضة لأن ينظروا إلى الأتراك إلى حد كبير على أنهم إخوان مسلمون يخوضون صراعا مماثلا ضد الاحتلال الأوروبي. ترافق هذا الجانب الإسلامي مع العثمانية المستمرة ومناهضة الإمبريالية العامة لتكون بمثابة نقطة اتصال أخرى بين القضايا التركية والفلسطينية خلال أوائل عشرينيات القرن العشرين.
من الجانب الكمالي، كانت المناشدات للتضامن الإسلامي والمناهض للإمبريالية من العناصر الخطابية الرئيسية في السياسة والدعاية الداخلية والخارجية للحركة. شدد الميثاق الوطني على الهوية الإسلامية لسكان الأناضول، مشيراً إلى “أغلبية مسلمة عثمانية، متحدة في الدين، وفي العرق والهدف” (مما يؤدي إلى الانقسامات التركية الكردية)، تعامل مع الأقليات على أساس ديني وليس إثني، ووافق على حق تقرير المصير من خلال الاستفتاء في الولايات العربية.(25)
كمال، الذي خدم في الحرب العثمانية ضد الغزو الإيطالي لليبيا (1911–1912) ، حافظ على علاقاته مع المقاومة الليبية المستمرة للإيطاليين، واحتضن زعيمها المنفي، الشيخ أحمد الشريف السنوسي (توفي عام 1933)، كممثل للمجاهد الإسلامي النموذجي ضد الاستعمار. (26)
في رسائل عامة للعرب، أشار كمال إليهم على أنهم “مواطنون مسلمون” ودعاهم إلى تخليص “الأراضي الإسلامية” و “الشعوب الإسلامية” من الهيمنة الأجنبية. (27)
مقاتلوا القوات الكمالية كانوا على غرار المجاهدين، وفي أحد الكُتيبات تعهد كمال بأنهم “سوف يتحدون مع إخوانهم العرب ويسحقون العدو” ، معلناُ أن “المسلمين الذين يحبوننا ويحبون السلطان لهم كامل الحقوق عند الخليفة “. (28)
كان الدعم الكمالي للعرب الذين قاوموا فرض الحكم البريطاني والفرنسي عمليًا وخطابيًا. في فترة ما بعد الحرب مباشرة، أُعجب كمال بفكرة الوفاق مع فيصل بن الحسين في سوريا وقدم دعمًا ملموسًا للمقاومة المسلحة ضد الفرنسيين في شمال سوريا بقيادة إبراهيم هنانو، البيروقراطي العثماني السابق من أصل كردي. قام الكماليون، الذين خاضوا حربهم ضد الفرنسيين في كيليشيا المجاورة وجنوب الأناضول، بتزويد قوات هنانو بالإمدادات والمساعدات العسكرية من صيف 1920 حتى ربيع 1921. (29)
على الرغم من أن الدعم المادي الذي احتاجه العرب الذين يواجهون الاحتلال البريطاني والفرنسي كان أبعد بكثير من إمكانيات الكماليين، إلا أن النشاط الدعائي لم يكن، ففي وقت مبكر من خريف عام 1919 ، عندما كانت مقاومة الأناضول لا تزال تتجمع، ادعى المسؤولون البريطانيون، وإن كان ذلك بدون تأكيد، أن فلسطين “موبوءة” بالعُملاء الأتراك الذين ينشرون الدعاية المعادية لبريطانيا. (30) مهما كانت حقيقة التقرير، فإن النجاحات العسكرية التركية التقدمية ضد البريطانيين والفرنسيين وعملائهم ساعدت في تحويل الحركة وخاصة زعيمها مصطفى كمال إلى أبطال شعبيين في فلسطين وكذلك في العالمين العربي والإسلامي.
الفلسطينيون ينظرون لمصطفى كمال كبطل شعبي
بغض النظر عما إذا كانوا مدفوعين بالولاءات العثمانية المتبقية، أو الإخلاص للسلطان الخليفة، أو الشعور بالانتماء الإسلامي، أو الاستياء من المحتلين البريطانيين، أو مزيجمن كل ذلك، احتفل الفلسطينيون من جميع الطبقات الاجماعية بالانتصارات التركية بين أعوام 1919– 22.
جسَّد شخص مصطفى كمال المقاومة الناجحة، وكان محور الإعجاب الشعبي، كما يتجلى في الصحافة، والأحداث العامة، وملاحظات المسؤولين البريطانيين، الذين كانوا متشككين بشدة في جاذبية الكماليين للفلسطينيين. استجاب الفلسطينيون بإيجابية للعناصر الدينية، ومناهضة الاستعمار، والعثمانية للرسالة الكمالية في مجال استدراكي محوري واحد، حيث كان يُشار في المقالات التي نشرتها إحدى الصحف العربية إلى المقاتلين في الأناضول على أنهم “الجيش العثماني” و “الجيش التركي” و “الجيش الكمالي”. (31)
نموذج من المشاعر المختلطة التي كان ينظر بها إلى كمال وحركته في فلسطين هي تعليقات صَحفية على الانتصارات التركية في عام 1922. في ذلك الربيع، احتضنها كاتب في صحيفة “مرآة الشرق” على أنها “انتصار للشعب الشرقي”. حيث أنه لا توجد دولة في الشرق لم تدعم الأتراك وتتمنى لهم النجاح والنصر ، لأنهم كانوا “أمة شرقية” تدافع عن “حقوقهم الطبيعية” (32). في ذلك الصيف، قامت الصجيفة نفسها بتأطير الحركة التركية من منظور إسلامي في تغطية سياسية لاتفاق مبدئي بين اسطنبول وأنقرة لتأسيس “مملكة إسلامية عظيمة” (المملكة الإسلامية الكبيرة) (33). سواء كان “شرقيًا” أو مسلمًا ، كان كمال البطل النضالي الذي يجب اعتباره كقُدوة: صحيفة الكرمل الصادرة في حيفا التي تحدثت بحماس عن هزيمة الإغريق في سبتمبر من خلال حث قرائها على “التعلم من كمال ، واتباع خطاه وتحرير أنفسهم من أوهامهم وتقاليدهم. وجعل إرادتهم قوية والاستمرار في النشاط إذا كانوا راغبين في الحصول على التقدير”. (34)
لم تكن الصحف هي الوسيلة الوحيدة التي أثنت على كمال. تشير مذكرات الموسيقار المقدسي واصف جوهرية إلى عرض تم في عام 1921 للملحِّن اليهودي المصري زكي مراد لقصيدة بعنوان “قصيدة لأتاتورك”. (35) أحب الفلسطينيون الأغنية التي ألفها في الأصل إبراهيم قباني للملك فؤاد المصري تكريما لمصطفى كمال. كان متجر أبو شنب للموسيقى في بوابة دمشق في القدس يبيع اسطوانات الأغنية وواجه صعوبة في مواكبة الطلب على الأغنية. (36) تشبه القصيدة النثر المزهر للشعر الإسلامي في العصور الوسطى المكتوب لإشادة الحاكم، تكشف الكلمات كيف امتدت سمعة مصطفى كمال إلى ما وراء الأناضول (37):
الفؤاد مخلوقٌ لحبك والعيون على شان تراك
والملوك تطلب رضاك والنفوس تحيا بقربك
…..
الجمال منسوب لشكلك والقمر محسوبُ ضِياك
كتب أيضاً أمير الشعراء أحمد شوقي شعراً يمدح فيه مصطفى كمال في تلك الفترة، حيث ظنّه مجددًا للإسلام، فمدحه بقصيدة عظيمة، مطلعها:
الله أكبرُ كم في الفتح من عَجَبِ يا خالدَ التُركِ جدّد خالدَ العَرَبِ
صلحٌ عزيزٌ على حربٍ مظفرةٍ فالسيف في غمدهِ والحق في النصب
….
حذوتَ حرب الصلاحيين في زمنٍ فيه القتالُ بلا شرعٍ ولا أدبِ
لم يأت سيفكَ فحشاءً ولا هتكت قناك من حرمة الرهبانِ والصُلُب
كما تم التعبير عن الإعجاب بكمال بشكل مباشر أكثر في المناسبات العامة، ومعظمها ذات طابع ديني، والتي أثارت إعجاب الفلسطينيين بالزعيم التركي من منظور إسلامي. غالبًا ما كانت المهرجانات الدينية الشعبية التي يحضرها الحجاج من جميع أنحاء البلاد أماكن للتعبير السياسي. أثارت مثل هذه المظاهر قلق المسؤولين البريطانيين، خاصة بعد اندلاع مواجهات ضد الاحتلال الإنجليزي في القدس في أبريل 1920 بين الحجاج في عيد النبي موسى. في أكتوبر / تشرين الأول 1921، أشار مسؤول بريطاني في القدس إلى أن المسلمين الفلسطينيين شاهدوا حرب الأناضول باهتمام ، “باستخدامها كسلاح” ، كما زعم ، لتصويرها على أنها معركة بين المسيحيين والمسلمين. (38) بحلول سبتمبر 1922 ، لاحظ مسؤول بريطاني آخر أن الانتصارات التركية “أثارت مخيلة المسلمين” ، حيث اعتبر مصطفى كمال “المنقذ الجديد للإسلام”. أثارت انتصارات مصطفى كمال هذه الثورة في فلسطين لدرجة أن العديد من العرب “كانوا ينتظرون بفارغ الصبر” وصوله إلى فلسطين. (39) في الشهر نفسه، في أحد الاحتفالات بالمولد النبوي أشاد الفلسطينيون بالانتصارات التركية. ووزعت الصدقات تكريما “لأرواح الشهداء [أي الجنود الأتراك]” وأرسلت برقية إلى أنقرة لـ “تهنئة” غازي مصطفى كمال باشا “بطل الشرق العثماني” بهذه الانتصارات. أبلغت البرقية كمال أنهم طلبوا من الله أن يحمي انتصار الأتراك “المذهل” وأن يوفر لهم “الدعم والنجاح”. (40) كانت مراسم الاحتفال هي روابط الهوية الإسلامية والتراث العثماني والتجربة المشتركة للاحتلال الأوروبي التي شاركها الفلسطينيون – مسلمون ومسيحيون – مع الأتراك.
كان الانتصار التركي في أواخر صيف عام 1922 قد أثار فرح شعبي واسع في فلسطين. زينت محلات غزة وأضاءت المآذن تكريماً لمصطفى كمال والأتراك. (41) أما في جامع غزة الكبير، فقد تم جمع 400 جنيه إسترليني لدعم الجيوش التركية. في حين احتفل حي الزيتون في غزة بالانتصارات التركية المتصاعدة ضد القوات اليونانية برفع العلم التركي خلال مسيرة سياسية. (42) أما في يافا، فقد جمعت اللجنة الإسلامية 500 جنيه إسترليني، وأقيمت صلاة شكر لله على انتصارات مصطفى كمال في المسجد الرئيسي بالمدينة. (43) وفي الحرم القدسي الشريف ، أقيم حفل ديني تكريمًا للقوات التركية المنتصرة، حيث تم جمع التبرعات لجمعية الهلال الأحمر التركية. وفي مدينة نابلس تحول موكب زفاف إلى مظاهرة سياسية عفوية، حيث رفع العديد من المشاركين الأعلام التركية وهم يهتفون “لتسقط الصهيونية وبريطانيا العظمى ووعد بلفور“. واستمع ضيوف العرس إلى خطب في مديح الانتصارات التركية التي ألقاها شبان رُفعوا على أكتاف رفاقهم. (45)
في سبتمبر 1923 ، في مهرجان النبي روبين السنوي في يافا ، لاحظ المسؤولون البريطانيون ظهور العلم التركي خلال موكب ضمَّ أربعة آلاف فلسطيني. (46) خلال احتفالات المولد النبوي (مولد النبي محمد) في الخليل في نوفمبر 1922، شارك أصحاب المتاجر الاحتفال بالانتصارات التركية برفع الأعلام التركية أمام متاجرهم. (47) لم يكن الفلسطينيون وحدهم هم الذين احتفلوا بهذه الطريقة. احتضن العرب من المغرب إلى سوريا على نطاق واسع الانتصارات التركية بحماس كبير، ورفعوا الأعلام التركية، وجمعوا الأموال لمساعدة المجهود الحربي التركي، ودعوا للأتراك في الصلاة تكريماً لانتصاراتهم. (48)
اعتبر البريطانيون رفع العلم التركي في فلسطين تحديًا لسلطتهم وتأييداً غير مرحب به للقتال المناهض للاستعمار. حيثما يرفع العرب العلم التركي، تصادر الأعلام ويُعتقل حَملةُ الأعلام. وتجمع في نابلس موكب من الأولاد الصغار للاحتفال بالانتصارات التركية في خريف عام 1922، لكنهم تفرقوا فور وصول فرقة من الشرطة العربية التابعة للاحتلال الإنجليزي. أحبط “قائم مقام” المدينة العربي خطة تزيين المدينة تكريما للقوات التركية. كان السكان يأملون أيضًا في تنظيم احتفال ديني، لكن السلطات المحلية ألغت هذا الحدث أيضًا. (49) يُعد رفع العلم التركي تأييداً للكماليين والخليفة العثماني (السلطان) بنفس الوقت حيث أن العلم كان متطابقاً. لكنه يشير أيضًا إلى جانب أخير من رد الفعل الفلسطيني على الحركة الكمالية: إمكانية استخدام الانتصار التركي لإزعاج الانتداب البريطاني بالكامل.
خريف 1922: النصر التركي والمسألة الفلسطينية في لوزان
حثَّ انتصار الكماليين على اليونانيين في سبتمبر 1922 وهدنة الشهر التالي الفلسطينيين للتكهن بإمكانية التحرير العسكري التركي الوشيك لفلسطين. كما أدى الخلاف التركي البريطاني حول وضع الموصل إلى الاعتقاد بأن الأتراك سيحررون العراق ثم فلسطين. في 3 أكتوبر 1922، ذكرت صحيفة فلسطين في مقال بعنوان “الانتصارات التركية تخيف اليهود على فلسطين”، أن صحيفة المسألة اليهودية (the Jewish Chronicle) أثارت مسألة ما إذا كانت بريطانيا العظمى ستتدخل لمنع تحرك تركي في الموصل. وتكهنت صحيفة فلسطين كذلك أنه إذا استولت تركيا على العراق، فإن إنجلترا ستعارض محاولات طردها بالقوة من فلسطين، محذرةً بذلك من شن هجوم عسكري تركي على فلسطين. وأشارت صحيفة يافا اليومية إلى أن الشعب اليهودي على درايةٍ بهذا الاحتمال ، الأمر الذي “يقلقهم”. (50)
وبشكل أكثر واقعية، فإن افتتاح مؤتمر لوزان لإعادة التفاوض بشأن معاهدة سيفر قد أتاح إمكانية الدعم الدبلوماسي والسياسي التركي للقضية الفلسطينية. في نظر القيادة الفلسطينية، كانت سيفر الأساس القانوني الوحيد للانتداب البريطاني، الذي وافقت عليه عصبة الأمم في تموز / يوليو 1922. ورأى الفلسطينيون أنه إذا كانت سِيفر، التي وضعت الولايات العربية العثمانية تحت السيطرة الأوروبية، ستتم إعادة التفاوض بشأنها فإن مستقبل فلسطين سيُعاد النظر فيه حتماً. (51) لذلك سعى رئيس الوفد العربي للحصول على صوت في لوزان من خلال الدعم الدبلوماسي التركي هناك، فأرسل وفدًا إلى اسطنبول ولوزان في نوفمبر 1922.
على الرغم من الدعم الخطابي الكمالي لحق تقرير المصير للولايات العربية، كما ورد في المادة 1 من الميثاق الوطني التركي، والشعبية التركية بين الفلسطينيين في أعقاب الانتصارات الكمالية، إلا أنه كان هناك توترات بين العرب والأتراك سببها يعود إلى استياء بعض الكماليين من العرب بسبب الثورة العربية في زمن الحرب. زعمت افتتاحية صحيفة “لسان العرب” في تشرين الأول (أكتوبر) 1922 أن مصطفى كمال، أو شخص قريب منه، قال، “على العرب أن لا يعتقدوا أننا نسينا الخيانة التي ارتكبوها ضدنا.” يقصد هنا ثورة الشريف حسين بن علي التي بدأت من الحجاز. ورد الشيخ عبد القادر المظفر، الذي كان جهة الاتصال الرئيسية بين السلطة التنفيذية العربية والأتراك، ضاحداً هذا الكلام في مقال بصحيفة فلسطين، متحديًا صحيفة لسان العرب تقديم المزيد من المعلومات حول مصدر الاقتباس حيث وصفه بالكذب والإدعاء. (52)
كان لدى بعض القادة الوطنيين الفلسطينيين شكوك في التزام حكومة أنقرة التركية التابعة للكماليين بقبول تقرير المصير العربي والتضامن الإسلامي. عندما كتب الوفد الفلسطيني في لندن رسالة إلى جمعية الخلافة في الهند في مايو 1922، طالبًا دعم الأخيره (انظر أعلاه)، كان هناك شائعات تحوم حول قبول الأتراك بالاحتلال الفرنسي لـ “سوريا الإسلامية” وأنهم سيتنازلون عن السيطرة على “فلسطين المقدسة” للصهاينة. تساءل الفلسطينيون بسخرية كيف يمكن أن يأتي مثل هذا الموقف من حكومة تدَّعي أنها عِماد الخلافة، (53) وتوقعوا أن القرار سيواجه غضبًا في جميع أنحاء العالم الإسلامي، واتهموا أنقرة بالتخلي عن الحرم القُدسي الشريف (المسجد الأقصى) ، القبلة الأولى للمسلمين وثالث الحرمين الشريفين. (54)
على الرغم من الشكوك المتبادلة بين العرب والأتراك، عيّنت الجنة التنفيذية العربية في فلسطين وفداً يتألف من موسى كاظم الحسيني ، (55) وأمين التميمي (56) والشيخ عبد القادر المظفر، للسفر إلى اسطنبول ولوزان. عند مغادرة الوفد من غزة، خاطب الشيخ عبد القادر المظفر حشدًا من أربع إلى خمسمائة من المؤيدين بوعد كبير بما تحمله لوزان للفلسطينيين، قائلاً: “سنلتقي بمصطفى كمال باشا. سنلتقي الأتراك (كرر هذه الكلمات ثلاث مرات). سنلتقي بالعالم الإسلامي كله. سنعود باستقلال كامل في ظل الانتداب التركي وإلغاء وعد بلفور ، ونادى بـ “تسقط الصهيونية والانتخابات والمجلس التشريعي”. (57) عند وصوله إلى اسطنبول في 14 نوفمبر 1922، التقى الوفد مع رأفت باشا، والي اسطنبول، الذي وعد بأن الأتراك مصرون على تطبيق المادة 1 من الميثاق الوطني (تقرير المصير العربي) في فلسطين. ترك الوفد العربي الفلسطيني المظفرخلفه في تركيا لمواصلة التماس الدعم التركي، وغادر الحسيني والتميمي إلى لوزان، حيث انضم إليهما شبلي الجمل. (58)
تم تفويض عبد القادر المظفر للبقاء في تركيا بسبب دفاعه عن الكماليين وبسبب العلاقات العديدة التي أقامها مع الأتراك من خلال خدمته كمرشد ديني في الجيش العثماني ونشاطه السياسي في سوريا من عام 1918 إلى عام 1920. (59) على الرغم من اجتماعه مع المندوبين إلى الجمعية الوطنية الكبرى، والكتاب، والقضاة، الذين كتب بعضهم مقالات في الصحف لصالح المطالب الفلسطينية، إلا أنّ المُظفر غادر أقل حماسًا، حيث كان يشك في أن الأهداف التركية في المؤتمر ستتم بالمزايدة على الطموحات العربية مما أجبره على قطع إقامته والتخلي عن فكرة السفر إلى أنقرة ولقاء مصطفى كمال كما كان ينوي. (60)
في غضون ذلك ، التقى الوفد الفلسطيني في لوزان برئيس الوفد التركي عصمت باشا (61). ووعد عصمت في الاجتماع الأول بأن تركيا ستصر على حق العرب في تقرير المصير، بل إنه قال إنه ينبغي السماح للوفد الفلسطيني بالتحدث أمام المؤتمر. لكن عصمت تهرب من اجتماعات لاحقة من الفلسطينيين، وأوضح أعضاء آخرون في الوفد التركي نية الأتراك قبول الوضع الراهن بعد الحرب العالمية الأولى والمادة 95 من معاهدة سيفر، التي أجازت انتدابًا بريطانياً لفلسطين يتضمن إعلان بلفور. (62)
عند عودته إلى فلسطين في ديسمبر 1922، قلل المدير التنفيذي العربي من أهمية هذا الرد التركي الفاتر، وسلَّط الضوء بدلاً من ذلك على أكثر التصريحات إيجابية. روى عبد القادر المظفر لقاءاته المثمرة مع المسؤولين الأتراك، ونقل تحيات مصطفى كمال إلى جميع الفلسطينيين ووعده بعدم “التخلي عنهم في كفاحهم من أجل الاستقلال”. (63) في كلمة له، نقل المظفر رد وزير الخارجية التركي على أولئك الذين يشككون في التزام تركيا تجاه فلسطين:
لقد أزعجتنا بشأن فلسطين، ولدينا بالفعل ملف ضخم عنها. غالبًا ما يتم مقاطعتنا في أهم اجتماعاتنا في البرلمان برقية من ملك أفغانستان ، شاه بلاد فارس ، راجا. . . . ثم تناقش هذه البرقيات والاحتجاجات وتثير تعصب شيوخ الأناضول الذين بدأوا في البكاء وحثونا على مساعدة فلسطين وحماية المسجد الأقصى والحرم. لدينا صعوبة كبيرة في إقناع هؤلاء الناس بأننا نساعد فلسطين وسنساعدها. (64)
عندما سُئل عما إذا كانت تركيا ستُصادِق على معاهدة تعترف بالانتداب البريطاني وفي تنكّرٍ لتعهدها بدعم تقرير المصير العربي، طمأن المظفر جمهوره أن الأتراك “لن يفعلوا ذلك أبدًا أو أنهم لن يفعلوا ذلك أبدًا عن طيب خاطر”. وحث السكان على “حب الأتراك ، فهم إخواننا في الإسلام ، وجيراننا ، ومن مصلحتنا أن نكون على علاقة جيدة معهم”. (65)
لم يكن فقط المجلس التنفيذي العربي الذي يسيطر عليه الحسيني هو الذي رأى حلاً تركيًا للقضية الفلسطينية، ولكن أيضًا الشخصيات الفلسطينية البارزة المعادية لهيمنة الحسينيين. نشرت صحيفة فلسطين رسالة تدعو إلى انتداب تركي على فلسطين، التي أشار الموقعون عليها إلى أنفسهم باسم “أهل القدس”. وطالبت العريضة الموجهة إلى مصطفى كمال باشا، “رئيس مؤتمر لوزان” (على الرغم من أنه لم يخدم بهذه الصفة) ، وإلى عصمت باشا ، بالاستقلال الكامل لفلسطين تحت انتداب “الحكومة التركية الكمالية”. اعتبر الموقعون الأتراك إخوانهم المسلمين الذين قاوموا الاحتلال وتركيا أفضل بكثير من القوات العسكرية البريطانية التي تحتل فلسطين حاليًا. (66)
يمثل الموقعون الأربعة عشر عائلات علماء القدس وأشرف البارزين مثل العلميين والدجانيين والخالديين والنسايبين والنشاشيبيين ، وجميعهم خصوم لعائلة الحسيني ومعارضين لنفوذها على السلطة التنفيذية العربية. وأعلنوا أنه إذا عارض الوفد الفلسطيني هذه المطالب ، فهو لا يمثل “الأمة”. (67) من خلال التذرع بالتسمية الإسلامية للأمة ، بدلاً من المصطلح العلماني “وطن”، أكدت الرسالة على الهوية الإسلامية المشتركة للحركات القومية العربية والتركية. في حين أن الرسالة تبين لنا كيف اعتقد البعض في فلسطين أن احتمالية عودة الحكم التركي إلى فلسطين خيار ممكن، كما تسلط الرسالة الضوء على كيف استغلت الفصائل البارزة المختلفة المكاسب السياسية لحرب الاستقلال التركية في صراعاتها للسيطرة على الحركة الوطنية الفلسطينية. (68)
الخلاصة
فشلت المناشدات الفلسطينية إلى الأتراك في لوزان في إعاقة تقدم الانتداب البريطاني وسياسته الموالية للصهيونية، ولكن لبعض الوقت احتفظ مصطفى كمال وتركيا بشعبية في فلسطين، على الرغم من تآكل العلاقات تدريجياً بعد إلغاء السلطنة والخلافة و إعادة توجيه تركيا نحو أوروبا وبعيدًا عن جيرانها في الشرق اإسلامي والماضي العثماني. في منتصف العشرينيات من القرن الماضي، تم الطلب من مصطفى كمال، بسبب قيادته المعادية للاستعمار، أن يترشح للخلافة، على الرغم من إلغائه للمنصب وتوجهاته العلمانية. (69) في فلسطين، تم ذكر اسم كمال بشكل متقطع في جميع أنحاء فلسطين خلال الانتداب البريطاني، كما حدث أثناء مسيرات النبي موسى عام 1929 في القدس، عندما صاح المحتفلون ، “يعيش مصطفى كمال باشا!” (70)
خلال الفترة الزمنية التي ناقشها هذا المقال، واجه الفلسطينيون الاستعمار البريطاني والصهيونية ليس فقط من منظور قومي ولكن أيضًا من منظور إسلامي من خلال الإشارة المستمرة إلى الخلافة العثمانية وتبجيل السلطان-الخليفة، واعتبار مصطفى كمال وحركته أبطالًا مناهضين للاستعمار. النضال من أجل الحقوق العثمانية والتضامن الإسلامي والأمم “الشرقية”. وبسبب هذا المزيج المحدود من الولاءات والصلات، أخذ الفلسطينيون على محمل الجد التعهدات التركية بدعم حق تقرير المصير للعرب، ونظروا في الخيارات المتعلقة بكيفية مساعدة تركيا في تخليصهم من الحكم البريطاني والتسلل الصهيوني.
لكن بعد خيبة أمل لوزان، تباعد الفلسطينيون والأتراك. خاصةً مع تخلي الجمهورية التركية الجديدة عن ماضيها العثماني وهويتها الإسلامية ، مما جعل العرب وخاصةً الفلسطينيين على ريبة من الكماليين. استاء الكثيرون بمرارة من ضم تركيا لسنجق إسكندرونة من سوريا في عام 1938 التي كانت تحت الحكم الفرنسي في ذلك الحين. وقد كان سنجق إسكندرونة تابعاً لولاية حلب خلال الحقبة العثمانية. (71) كان انضمام تركيا إلى حلف الناتو وحلف بغداد خلال الحرب الباردة نقيضًا لرفض القوميين العرب لمثل هذه التحالفات باعتبارها امتدادًا للإمبريالية الأوروبية. (72) ولم تؤد علاقة تركيا الوثيقة بإسرائيل إلا إلى إبعاد العرب أكثر. لم يتم تخفيف القطيعة إلا مؤخرًا، منذ أن وصل حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى السلطة، وأقام علاقات اقتصادية وسياسية أوثق مع الدول العربية، وأصبح ينتقد إسرائيل، وبلغ ذروته في حادثة مافي مرمرة في مايو 2010- وهي قافلة بحرية تركية كانت متجهة لفك الحصار عن غزة وقد هاجمتها قوات إسرائيلية خاصة في المياه الدولية، وقد استشهد العديد من الأتراك في ذلك الهجوم.
يعيد كل من العرب والأتراك تقييم صلاتهم ببعضهم البعض وماضيهم العثماني المشترك ، في عملية تدعوها الباحثة إسراء أوزوريك نقاش حول “الذاكرة العامة”، وهي الساحة العامة لكيفية مناقشة الأحداث والشخصيات التاريخية لخدمة المصالح المشتركة في الحاضر. (73) وإعادة التقييم تنطبق أيضًا على الفترة الزمنية التي تمت مناقشتها في هذا المقال. ومن الأمثلة الصغيرة على ذلك نشر صحيفة يني أكيت التركية الإسلامية اليومية في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الجمهورية التركية صورة مصطفى كمال، بعد يوم واحد من إعلان الجمهورية، وهو يصلي جنبًا إلى جنب مع رجال دين آخرين. إن مثل هذا التصوير التجريحي لتطرُّف الكمالية العلمانية يعكس بالطبع الجدل المستمر حول دور الإسلام في الحياة العامة التركية. (74) ولكنه أيضًا تلميح إلى أنه بالنسبة للإسلاميين اليوم – العرب والأتراك على حد سواء – فإن الماضي العثماني يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه نموذج للهوية الإسلامية، (75) وسيظل هذا الماضي محل اهتمام مشترك بين العرب والأتراك لمواجهة التحديات المشتركة المعاصرة.
ملاحظة: هذا المقال مترجم بتصرف لبحث للدكتور عوض حلبي نشرته مجلة الدراسات الفلسطينية في العدد 41 رقم 3 عام 2011/12 تحت عنوان: “Liminal Loyalties: Ottomanism and Palestinian Responses to the Turkish War of Independence, 1919–22 Awad “Halabi
المراجع
- (1) كارل براون ، “الإعداد: مقدمة” ، في L. Carl Brown ، ed. ، الإرث الإمبراطوري: البصمة العثمانية على البلقان والشرق الأوسط (نيويورك: مطبعة جامعة كولومبيا ، 1996) ، ص. 5.
- (2) جورج أنطونيوس ، الصحوة العربية: قصة الحركة القومية العربية (لندن: هاميلتون ، 1938) ؛ كارل باربير ، “الذاكرة والتراث والتاريخ: التراث العثماني في العالم العربي” ، في براون ، التراث الإمبراطوري ، ص 105-7.
- (3) رشيد الخالدي ، الهوية الفلسطينية: بناء الوعي الوطني الحديث (نيويورك: مطبعة جامعة كولومبيا ، 1997) ، ص 64-65 ؛ انظر أيضا باربير ، “الذاكرة والتراث والتاريخ” ، ص. 107 ، وكيث واتنبو ، كونهما معاصرين في الشرق الأوسط: الثورة والقومية والاستعمار والطبقة الوسطى العربية (برينستون: مطبعة جامعة برينستون ، 2006) ، ص 134 – 59.
- (4) رونالد ستورز ، التوجهات (لندن: نيكلسون وواتسون ، 1937) ، ص. 436 ؛ إدوارد كيث روتش ، باشا: مذكرات مفوض المقاطعة تحت الانتداب البريطاني (لندن: مطبعة رادكليف ، 1994) ، ص. 73.
- (5) رشيد الخالدي ، “العثمانية والعروبة في سوريا قبل عام 1914: إعادة تقييم” ، في رشيد الخالدي وآخرون ، محرران ، أصول القومية العربية (نيويورك: جامعة كولومبيا ، 1991) ، الصفحات 50-69 ؛ إرنست دون ، “أصول القومية العربية” ، في رشيد الخالدي وآخرون ، محرران ، أصول القومية العربية ، ص 3-30 ؛ سليم تماري ، “مدينة رفراف: حشود ، مساحة عامة ، وحساسيات حضرية جديدة في زمن الحرب في القدس ، 1917-1921” في كامران أسدار علي ومارتينا ريكر ، محرران ، مقارنة المدن: الشرق الأوسط وجنوب آسيا (أكسفورد: أكسفورد مطبعة الجامعة ، 2009) ، ص 23-48 ؛ حسن كيالي ، العرب والأتراك الشباب: العثمانية ، العروبة ، والإسلاموية في الدولة العثمانية ، 1908-1918 (بيركلي: مطبعة جامعة كاليفورنيا ، 1997).
- (6) نص معاهدة سيفر ، في J. C. Hurewitz ، ed. ، الدبلوماسية في الشرق الأدنى والشرق الأوسط: سجل وثائقي ، المجلد. الثاني: 1914-1956 (برينستون: فان نوستراند ، 1956) ، ص 81-87.
- (7) نص معاهدة سيفر ، في J. C. Hurewitz ، ed. ، الدبلوماسية في الشرق الأدنى والأوسط: سجل وثائقي ، المجلد. الثاني: 1914-1956 (برينستون: فان نوستراند ، 1956) ، ص 81-87.
- (8) نص في Hurewitz ، الدبلوماسية ، ص 74-75 ؛ انظر أيضًا Erik J. Zürcher، Turkey: A Modern History (London: I. B. Tauris، 1997)، p. 144.
- (9) تماري ، “مدينة رفراف” ، ص. 35. وصف فيكتور تورنر اللامبالاة كشرط “بين وبين” دول أو كيانات مختلفة من ذوي الخبرة في عملية الطقوس. فيكتور تورنر ، عملية الطقوس: الهيكل والمضادة للهيكل (نيويورك: Aldine DeGruyter ، 1969) ، p. 95.
- (10) انظر معتز قفيشة ، “أسس القانون الدولي للجنسية الفلسطينية: دراسة قانونية للجنسية الفلسطينية في ظل الحكم البريطاني” دكتوراه. أطروحة ، جامعة جنيف ، 2007 (رقم 745).
- (11) على السلطة التنفيذية العربية ، انظر Ann Mosely Lesch ، السياسة العربية في فلسطين: 1917-1939: إحباط حركة قومية (إيثاكا: مطبعة جامعة كورنيل ، 1979) ، ويهوشوا بوراث ، ظهور الحركة الوطنية الفلسطينية العربية 1918-1929 (لندن: فرانك كاس ، 1974).
- (12) “إعلان من مؤتمر سيفاس” ، المواد. II ، V ، في وزارة الخارجية الأمريكية ، الأوراق المتعلقة بالعلاقات الخارجية للولايات المتحدة [FRUS] 1919 (واشنطن: مكتب الطباعة الحكومي ، 1934) ، المجلد. 2 ، ص. 887 ؛ الميثاق الوطني ، ديباجة ، في هيرويتز ، الدبلوماسية ، ص. 74.
- (13) “مذكرة مختصرة بشأن تنظيم ووجهات نظر رابطة الدفاع عن حقوق الأناضول ورومليا” ، FRUS 1919 ، المجلد. 2 ، ص. 878.
- (14) المادتان 3 و 4 من الدستور العثماني لعام 1876 بعنوان السلطان “الخليفة سلطان”. النص في روبرت ج. لاندين ، محرر ، ظهور الشرق الأوسط الحديث: قراءات مختارة (نيويورك: Van Nostrand Reinhold ، 1970) ، الصفحات 98-106. انظر أيضًا ألبرت حوراني ، الفكر العربي في العصر الليبرالي ، 1798-1939 (كامبريدج: مطبعة جامعة كامبريدج ، 1962 ، الطبعة الثانية ، 1983) ، ص. 106.
- (15) استمرت عودة الصلوات تكريما للأسرة العثمانية حتى إلغاء الخلافة العثمانية في أوائل عام 1924. في بوراث ، ظهور الحركة الوطنية الفلسطينية العربية ، ص. 160.
- (16) ومع ذلك ، سمع اسم مصطفى كمال مرة واحدة فقط. كانت الصرخة الأعلى ل “الله يوفق فلسطين والعرب!” في “عيد النبي موسى: الحج العربي يمر بهدوء” ، تايمز أوف لندن ، 11 أبريل 1922 ، ص. 13.
- (17) زورشر ، تركيا: تاريخ حديث ، ص. 142.
- (18) انظر إيلي قدوري ، “مصر والخلافة” ، في نسخة تشاتام هاوس ودراسات شرق أوسطية أخرى (شيكاغو: إيفان دي ، 1970 ، 1984) ، ص 182 – 88. رفض كاتب في صحيفة فلسطين ادعاءات الهاشميين بالخلافة لأنها كانت “استجابةً للتأثيرات الخارجية”. فلسطين ، 15 ديسمبر 1922 ، مقتبس في “تقرير سياسي لشهر ديسمبر 1922” ، مقتبس في روبرت ل.جرمان ، يوميات سياسية في العالم العربي: فلسطين والأردن ، المجلد. آي، 1920-1923 (لندن: Archives Edition Ltd. ، 2001) ، ص. 343.
- (19) “تقرير سياسي لشهر مارس 1924” ، بتاريخ 18 أبريل 1924 ، CO 20304 ، مقتبس في روبرت ل. جارمان ، محرر ، يوميات سياسية في العالم العربي: فلسطين والأردن ، المجلد. 2 ، 1924-1936 ، ص. 28
- (20) “برقية من الوفد العربي الفلسطيني في لندن إلى السلطان في اسطنبول” ، لا. 120 ، بتاريخ 18 أبريل 1922 ، في بيان نواحد الهت ، محرر ، وثائق الحركة الوطنية الفلسطينية 1917-1939 من أوراق أكرم زعيتر (بيروت: معهد الدراسات الفلسطينية ، 1984) ، ص. 231.
- (21) “مناشدة الحكام المسلمين” ، نيويورك تايمز ، 5 يوليو 1922 ، ص. 12. من غير الواضح من الذي شكل هذا “الوفد”.
- (22) بوراث ، ظهور الحركة الوطنية العربية الفلسطينية ، ص 162 – 96. حول حركة الخلافة ، انظر Gail Minault ، حركة الخلافة: الرمزية الدينية والتعبئة السياسية في الهند (نيويورك: مطبعة جامعة كولومبيا ، 1982).
- (23) “رسالة من الوفد العربي الفلسطيني في لندن إلى رئيس المجلس الهندي المركزي لمنظمة الخلافة الإسلامية” ، رقم 130 ، بتاريخ 22 مايو 1922 ، في الحوت، محرر ، وثائق الحركة ، ص. 249.
- (24) يظهر لقب الخليفة أولاً مع معاهدة كوسوك كاينارجا (1774) ؛ انظر الحوراني، الفكر العربي ، ص. 106.
- (25) الميثاق الوطني ، المادة 1 ، في Hurewitz ، الدبلوماسية ، ص 74-75.
- (26) قدوري ، “مصر والخلافة” ص 189-90. انظر أيضاً محمد خليل ، “صعود وسام السنوسية” ، في M. M. Sharif ، ed. ، تاريخ الفلسفة الإسلامية (المؤتمر الفلسفي الباكستاني ، 2004) ، ص. 1479 ؛ Odile Moreau ، “أصداء التحرير الوطني: تركيا منظورة من المغرب في عشرينيات القرن العشرين” ، في James McDougall ، ed. ، Nation ، Society and Culture in North Africa (London: Frank Cass، 2003)، p. 68.
- (27) مورو ، “أصداء التحرير الوطني” ، ص. 62.
- (28) صلاح رمضان رمضان سونيل ، الدبلوماسية التركية 1918-1923: مصطفى كمال والحركة الوطنية التركية (لندن: سيج ، 1975) ، ص. 22 ؛ FO 406/41 لا. 191 ، 2 ديسمبر 1919 ، مذكور في بروفانس ، “الحداثة العثمانية” ، ص. 217.
- (29) سونيل ، الدبلوماسية التركية ، ص. 22 ؛ فيليب خوري ، سوريا والانتداب الفرنسي: سياسة القومية العربية 1920-1945 (برينستون: مطبعة جامعة برينستون ، 1987) ، الصفحات 102-10 ؛ واتنبو ، كونه حديثًا في الشرق الأوسط ، ص. 179 والصفحات 174-84.
- (30) “دعاية في فلسطين” ، نيويورك تايمز ، 25 أكتوبر 1919 ، ص. 9.
- (31) “القتال بين الأتراك واليونانيين” ، مرآة الشرق ، 5 أبريل 1921 ، ص. 3 ؛ “الحرب في الأناضول” ، مرآة الشرق ، 13 سبتمبر 1922 ، ص. 3 ؛ “الحرب في الأناضول” ، مرآة الشرق ، 22 أكتوبر 1921 ، ص. 3.
- (32) “الوضع السياسي في الأناضول” ، مير الشرق ، 13 أبريل 1922 ، ص. 2.
- (33) “اتفاق الأطراف التركية والخطة السياسية الجديدة ،” معرة الشرق ، 29 يوليو 1922 ، ص. 3.
- (34) الكرمل ، 16 سبتمبر 1922 ، مقتبس في بوراث ، نشأة الحركة الوطنية الفلسطينية العربية 1918-1929 ، ص. 158.
- (35) كان أتاتورك ، “أب الأتراك” ، لقبًا منحته الجمعية الوطنية الكبرى لكمال في عام 1935 ، ولكن من المحتمل أنه تمت الإشارة إليه بالفعل من قبل هذا الكوبريت في وقت مبكر من عام 1921.
- (36) تماري ، “مدينة الرفراف” ، ص. 17.
- (37) ترجمة تماري ، “مدينة الرفراف” ، ص. 16.
- (38) “تقرير عن الوضع السياسي في فلسطين لشهر أكتوبر 1921” ، CO 57017 ، بتاريخ 4 نوفمبر 1921 ، ص. 1 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 114.
- (39) “تقرير سياسي لشهر سبتمبر 1922 ،” CO 51515 ، بتاريخ 6 أكتوبر 1922 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 289.
- (40) “الاحتفال بالميلاد المبارك من أجل الانتصارات التركية” ، فلسطين ، 22 سبتمبر 1922 ، ص. 4.
- (41) “تقرير سياسي لشهر سبتمبر 1922 ،” CO 51515 ، بتاريخ 6 أكتوبر 1922 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 289.
- (42) “تقرير سياسي لشهر سبتمبر 1922 ،” CO 51515 ، بتاريخ 6 أكتوبر 1922 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 289.
- (43) “تقرير عن الوضع السياسي في فلسطين لشهر أكتوبر 1922” ، CO 57552 ، بتاريخ 10 نوفمبر 1922 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 310.
- (44) التقرير السياسي لشهر سبتمبر 1922 ، “CO 51515 ، بتاريخ 6 أكتوبر 1922 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 289.
- (45) “تقرير سياسي لشهر سبتمبر 1922 ،” CO 51515 ، بتاريخ 6 أكتوبر 1922 ، في مجلد يوميات سياسية. أنا ص. 289.
- (46) ”التقرير السياسي لشهر سبتمبر 1923 ،” CO 52408 ، بتاريخ 19 أكتوبر 1923 ، مقتبس في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 703.
- (47) “التقرير السياسي لشهر تشرين الثاني 1922” ، المفوض السامي ، القدس ، 63773 ، بتاريخ 15 كانون الأول 1922 ، ص. 2 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 323.
- (48) مورو ، أصداء التحرير الوطني ، ص 62-63. واتنبو ، كونك حديثًا في الشرق الأوسط ، ص 160 – 61.
- (49) “التقرير السياسي لشهر نوفمبر 1922” ، المفوض السامي ، القدس ، CO 51515 ، بتاريخ 15 ديسمبر 1922 ، ص. 2 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 323.
- (50) فلسطين ، 3 تشرين الأول (أكتوبر) 1922 ، 1. “مسألة الموصل” ، كما كانت معروفة ، تضمنت مطالبات تركية بشأن الموصل ، والتي تم حلها من خلال مفاوضات بين الجانبين في عصبة الأمم ، مما أدى إلى توقيع اتفاق في 5 حزيران / يونيو. عام 1926 وتخلي تركيا عن مطالباتها بالموصل. انظر سونيال ، الدبلوماسية التركية ، ص 22 ، 222.
- (51) بوراث ، ظهور الحركة الوطنية العربية الفلسطينية ، ص. 159.
- (52) “بيان” ، فلسطين ، 13 أكتوبر 1922 ، ص. 3. ادعى الشيخ مظفر أن الافتتاحية ظهرت في لسان العرب رقم. 331.
- (53) تم الاستشهاد بمصدر هذه الشائعات فريد بيك وعمل كصانع سياسات بارز للحكومة التركية في أنقرة. انظر “كمال يطالب الحلفاء بالتخلي عن مكاسب الحرب العالمية ،” نيويورك تايمز ، 10 نوفمبر 1922 ، ص. 1.
- (54) “رسالة من الوفد العربي الفلسطيني في لندن إلى رئيس المجلس الهندي المركزي لمنظمة الخلافة الإسلامية” ، رقم 130 ، بتاريخ 22 مايو 1922 ، في محرر. بيان نواهد الحط ، واثق الحركة الوطنية الفلسطينية 1917-1939 من أوراق أكرم زعيتر (بيروت: معهد الدراسات الفلسطينية ، 1984) ، ص. 249
- (55) 1850 أو 1853 (؟) – 1934 ، رئيس بلدية القدس 1918-20 ورئيس السلطة التنفيذية العربية من 1920.
- (56) من نابلس ، كان التميمي عضوا في حكومة فيصل في سوريا واحتفظ بصلات هاشمية قوية. أصبح لاحقًا عضوًا في الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر لندن عام 1939.
- (57) “التقرير السياسي لشهر نوفمبر 1922” ، المفوض السامي ، القدس ، 63773 ، بتاريخ 15 ديسمبر 1922 ، ص. 4 ، مقتبس في مذكرات سياسية ، المجلد. الأول ص. 325.
- (58) بوراث ، ظهور الحركة القومية العربية الفلسطينية ، ص. 163
- (59) بوراث ، ظهور الحركة القومية العربية الفلسطينية ، ص 163 – 64
- (60) بوراث ، ظهور الحركة القومية العربية الفلسطينية ، ص. 164.
- (61) لاحقًا عصمت إينونو ، ذراع كمال الأيمن وخليفته كرئيس تركي.
- (62) بوراث ، ظهور الحركة القومية العربية الفلسطينية ، ص. 165.
- (63) “التقرير السياسي لشهر ديسمبر 1922” ، CO 3863 ، بتاريخ 8 يناير 1923 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 337.
- (64) “تقرير عن الوضع السياسي في فلسطين وشرق الأردن خلال شهر كانون الثاني 1923” ، رقم 8933 ، بتاريخ 7 شباط 1923 ، الملحق أ ، “تقرير خطاب عبد القادر المظفر” ، ص. 2 ، في مذكرات سياسية ، المجلد. أنا ص. 432.
- (65) “تقرير عن الوضع السياسي في فلسطين وشرق الأردن خلال شهر كانون الثاني 1923” ، رقم 8933 ، بتاريخ 7 شباط 1923 ، ملحق أ ، “تقرير خطاب عبد القادر المظفر” ، ص. 2 ، في يوميات سياسية ، المجلد. أنا ، 433.
- (66) يظهر الطلب في كل من فلسطين ، 8 ديسمبر 1922 ، ص. 3 ، وفي عبد الوهاب الكيالي ، تحرير ، وثائق المقاومة الفلسطينية العربية ضد الاحتلال البريطاني والصهيونية 1917-1939 (بيروت: معهد الدراسات الفلسطينية. ، الطبعة الثانية ، 1988) ، ص 66-67. تسرد نسخة كيالي من الطلب الرسالة على أنها موجهة إلى “غازي مصطفى كمال”. انظر أيضا بوراث ، ظهور الفلسطيني ، ص 160 – 65.
- (67) ضم الوفد الذي غادر إلى لندن في 19 تموز (يوليو) 1921 موسى كاظم الحسيني وتوفيق حمد ومعين الماضي وإبراهيم شماس. انظر Lesch, Arab Politics in Palestine، p. 159 ، رقم. 11.
- (68) في اجتماع للسلطة التنفيذية العربية، تمت إدانة هذه الرسالة باعتبارها محاولة لتقويض المندوبين في لوزان. “التقرير السياسي لشهر كانون الأول 1922” ، المفوض السامي ، القدس ، CO 3863 ، بتاريخ 8 يناير 1923 ، ص. 4 ، مقتبس في مذكرات سياسية ، المجلد. الأول ص. 340.
- (69) Emine Evered و Kyle Evered ، “إنهاء الاستعمار من خلال العلمنة: إعادة صياغة جيوسياسية لإلغاء الخلافة في تركيا عام 1924” ، الجغرافي العالمي العربي / Le Geographe du Monde Arabe 13 ، no. 1 (2010) ، ص. 15. ليس من الواضح ما إذا كان أي من هذه النداءات جاء من فلسطين.
- (70) “راية النبي موسى” 30 أبريل 1929 ، فلسطين ، ص. 5.
- (71) حول نزاع الإسكندرونة ، انظر Andrew Mango، Ataturk (New York: Overlook Press، 2000)، pp. 506-9؛ خوري ، سوريا والانتداب الفرنسي ، ص 494-514 ؛ and Sarah D. Shields، Fezzes in the River: Identity Politics and European Diplomacy in the Middle East عشية الحرب العالمية الثانية (Oxford: Oxford University Press، 2011)
- (72) للاطلاع على معارضة القوميين العرب لهذه التحالفات العسكرية الموالية للغرب ، انظر سليم يعقوب ، احتواء القومية العربية: عقيدة أيزنهاور والشرق الأوسط (تشابل هيل: مطبعة جامعة نورث كارولينا ، 2004).
- (73) إسراء أوزيرك ، “مقدمة” ، في إسراء أوزوريك ، محرر ، سياسة الذاكرة العامة في تركيا (سيراكيوز: مطبعة جامعة سيراكيوز ، 2007) ، ص. 9.
- (74) إسراء أوزيرك ، “الذاكرة العامة كساحة معركة سياسية: التخريب الإسلامي للحنين الجمهوري ،” في سياسة الذاكرة العامة ، ص 114-16.
- (75) كارل باربير ، “الذاكرة والتراث والتاريخ: الإرث العثماني في العالم العربي” ، في براون ، الإرث الإمبراطوري ، ص 101 – 19.
تركش مان ياهوو
شكرا جزيلا لكم
رجعت الى البحث الاصلي
وهو منشور في موقع مجلة الدراسات الفلسطينية
شكراً جزيلاً ونأمل من الله أن نكون قد أوصلنا معلومات قيمة.