يؤمن الإنجيليون (البروتوستانت الأصوليون) بالمجيء الثانى للمسيح. فوفقاً لمعتقداتهم فإن المسيح سوف يعود إلى هذا العالم ليؤسس مملكة الله، التي سيُسلم لها كل من على الأرض بأعمالهم ومعتقداتهم. وتستمر مملكة الله ألف عام من السلام والازدهار، ولذلك تسمى الألفية السعيدة أو العصر الألفى السعيد. وهناك ثلاثة تفسيرات مختلفة للعصر الألفي السعيد، يمكن اختصارها بما يلي:
التفسير الأول:
مجيء المسيح قبل العصر الألفى السعيد: يرى هذا التفسير أنه يمكن تقسيم التاريخ إلى عصور دينية محددة، سيكون آخرها العصر الألفي السعيد، أو الألف سنة من السلام على الأرض. ولكن قبل حلول هذه الفترة النهائية من السلام، سوف يشهد العالم عصراً من الأحداث الكارثية يسمى “آخر الزمان”، ويتميز بالزلازل والثورات والحروب، وينتهي بمعركة هرمجدون Armageddon أو Har-Magedon (تقع هرمجدون أو مجدو بالعربية في مرج ابن عامر، بين مدينة جنين ومدينة إربد)، وهي عبارة عن صراع عالمي يتمركز في فلسطين حيث تقع هذه المعركة. هذه الأحداث الرهيبة سوف تشكل عوامل تُسرّع المجيء الثاني للمسيح، الذي سيعود ليحكم الأرض في بداية “العصر الألفي السعيد”.
التفسير الثاني:
مجيء المسيح بعد العصر الألفى السعيد: هذا التفسير يرى أن العصر الألفي السعيد قد بدأ بالفعل مع “الأحداث التي وقعت في زمن الكنيسة الأولى*“. ويرى أن المجيء الثاني للمسيح لن يكون في بداية فترة الألف سنة، بل بعد انقضائها.
التفسير الثالث:
إنكار العصر الألفى السعيد: تؤمن أقلية صغيرة بهذا التفسير، ويميل المتمسكون به “إلى رؤية التاريخ على أنه قصة صراع بين الكنيسة وقوى الشر، صراع يجب أن يستمر إلى ما لا نهاية، لأن مملكة الأرض هذه لن تصل إلى نهايتها من خلال مجيء حرفي أو حسي للمسيح وحكم يستمر ألف عام” .
سيطر مفهوم العصر الألفي السعيد في النصف الثاني من القرن العشرين، بسبب الأعمال الحربية الذرية وإنشاء دولة “اسرائيل”. ودفع الصراع العربي الإسرائيلي الدائر في الشرق الأوسط معظم الإنجيليين إلى التحول إلى الاعتقاد بمجيء المسيح قبل العصر الألفي السعيد (التفسير الأول)، وهو الاعتقاد الذي يتنبأ بتدهور الظروف العالمية نتيجة الحروب الكارثية والكوارث الطبيعية وغيرها. ويرى المؤمنون بهذا الاعتقاد بأن حدوث معركة هرمجدون فى الشرق الأوسط أمر لا مفر منه، إذ ستكون العلامة الكبرى على مجيء المسيح. وبالتالى، فإنه في السياق العقدي والتاريخي الإنجيلي “تُعتبر اسرائيل العامل المسرّع الأحداث نهاية الزمان”: وهذا ما يزيد فى حماس الأصوليين المسيحيين تجاه دعم اسرائيل، حيث أنهم مصممون على دعم اسرائيل، ولو لم يكن هناك أي سبب سوى أن اسرائيل ستكون قادرة على هزيمة الأعداء، من أجل أن يكون ذلك مقدمة لسلام العصر الألفي السعيد . ولهذه الأسباب “حين يتعلق الأمر بتشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، فإن دعم اسرائيل من الثوابت بالنسبة لليمين المسيحي الجديد”.
* حياة تلاميذ المسيح الاثنى عشر ومن معهم، أو حياة الكنيسة الأولى يمكن معرفة نشاطاتها عن طريق سفر أعمال الرسل في الإنجيل، فبعد خمسين يومًا من قيامة يسوع حلّ الروح القُدُس على الكنيسة الأولى وفق السّفر، ويمثل الحدث للمسيحيين ميلاد الكنيسة في القدس. وكان أعضاؤها يواظبون على تلقي المواعظ الدينية والصلاة وكسر الخبز، والحضور إلى الهيكل وتقاسم جميع ما يملكون– حسب الرواية المسيحية.
المراجع
- استرداد أمريكا: التقوى والسياسة في غلاف عادي لليمين المسيحي الجديد، 1 أغسطس 1993، مايكيل لينيش، ص224-225.