بقلم د. محمد علي دمير باش
توطئة
كان لفتح جزيرة روذوس في عام 1521 وقبرص في عام 1571 في القرن السادس عشر أهمية كبرى في طريق بسط الدولة العثمانية سيادتها وتوسيع نفوذها في حوض البجر الأبيض المتوسط. ومثل ما كان بحر إيجة ومضيق الدردنيل يمثلان أهمية استراتيجية لأمن إسطنبول وحمايتها. كذلك كان بسط النفوذ على جزيرة قبرص وعلى جزيرة كريت ثاني أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط أهمية استراتيجية كبرى لتأمين مصالح الدولة العثمانية وأمنها وتوسيع رقعة نفوذها في حوض البحر الأبيض المتوسط. حيث تقع جزيرة كريت (أطلق عليها العرب اسم اقريطش) على مفترق طرق التجارة والحج مما جعلها ذات أهمية استراتيجية عظيمة بالنسبة للدولة العثمانية. إلا أن
الظروف لم تسمح بالسيطرة عليها حتى أواسط القرن السابع عشر حين بدأت الحملة عام 1645 واستمرت لأسباب متعددة حتى العام 1669.
استطاعت الدولة العثمانية ان تسيطر على مدينتي خانيا وريسمو عام 1645 ولكنها لم تستكمل سيطرتها على مدينة قندية (هي كانديا أو الخندق، وهو اسم أطلقه الأندلسيون عندما حكموا كريت، واستبدل حديثاً باسم هِرقليون) التي تعتبر مركز الجزيرة وعاصمتها حتى العام 1669.
تحرير الأراضي ونظام الاستمالة
كان تسجيل الأراضي المُنتجة والممتلكات تطبيقاً إلزامياً على المواطنين في كل الأماكن التي يتم فتحها وإلحاقها بالدولة العثمانية لتحديد الضرائب المتوجب عليهم دفعها. كان اسم هذا القانون (نظام تحرير الأراضي)، وكان السجل الذي تُدوَّن عليه هذه المعلومات يسمى (سجل تحرير الطابو)، وكان هذا السِّجل يخضع لتغيرات بعد القيد الأول بحسب تغيُّر مدخول الفرد أو المحصول زيادةً أو نقصاناً، كما يعاد التسجيل والمراقبة المالية عند صعود كل سلطان جديد وتوليه زمام الحكم في البلاد.
خلال عملية تحرير الأراضي، كان الموظفون الحكوميون يتجولون بين المدن والقرى والنواحي والمزارع لتدوين كل شيء على سجلات التحرير وتحديد المسؤولين عن دفع الضرائب والمعفيين منها أيضاً. كان يتم تدوين أسماء القرويين الذين يملكون أو لا يملكون أرضاً وكذلك البيوت التي يسكنها العازبون أو المتزوجون، وطلاب العلم، والعجائز والمسنون والمعاقون. كان يتم تدوين الملكيات والأفراد بعناية فائقة. وكان يتم تدوين محاصيل كل أنواع الأراضي الموجودة في القرى من مزارع ومراعي ومحميات وغابات وجبال وسهول وتحديد منتوجاتها بالنوع والكمية، وكانت تحدد الضرائب التي يتوجب على الأهالي دفعها بموجب هذه البيانات. كان الموظفون يرسلون دفاترهم إلى الدوائر التي كانت تقوم بنسخ معلوماتها على سجلات جديدة، وكانوا يضعون على رأس هذه السجلات المفصلة عادات البلدة وتقاليدها إضافة إلى وثيقة القوانين المتعلقة بجباية الضرائب وأنواع الجزاء والعقاب وغيرها من المواد القانونية الضريبية.
أما في دوائر الحكومة المركزية فكان يتم إيجاز محتويات هذه السجلات المفصلة على دفاتر أخرى يطلقون عليها اسم (سجلات الإجمال). كانت هذه السجلات تحتوي على الوحدات السكنية وما يتوجب جبايته من ضرائب في تلك المناطق. كانت الأراضي تقسم حسب كمية الضرائب التي ستجبى منها إلى أراضي أميرية (١-19999 أقتشا عملة فضية) وأرا ضي ا لزعامات (20000-99999) والأراضي الخاصة (100,000 أقتشا وما فوق). كان هناك موظفون مكلفون بجباية هذه الضرائب وكانت لهم أجور ومخصصات من الدولة لقاء قيامهم بهذا العمل. على صعيد آخر، كان هؤلاء الموظفون موكلون بإرسال عدد معين من الجند إلى معارك الدولة العسكرية بما يتوافق مع مقدار الجبايات التي يحصلونها.
أما نظام الاستمالة فيمكن تلخيصه بالشكل التالي: يعمل القرويون الموجودون في مكان معين على استصلاح الأراضي الزراعية فيه، على أن يقوم القروي المنتج بدفع إيجار الأرض الزراعية التي يعمل بها إلى الدولة دون أن يملك الحق بامتلاكها ولا بيعها ولا توريثها ولا هبتها أو وقفها لأي جهة أو شخص. كما أن القوانين تحظر عليه مغادرة القرية للاستقرار في مكان آخر وتمنعه كذلك من ترك الأرض وعدم العمل فيها او زراعتها لمدة تزيد عن ثلاث سنوات. أما إذا أراد القروي أن يدفع الضرائب المتوجبة عليه فقط من إجمال المحاصيل فيكون عند ذلك مجبراً على الالتحاق بالعسكرية أيام الحروب والحملات التي تقوم بها الدولة. كان هذا النظام يطبق ويراقب من قبل فرسان الاستمالة الموكلين بجمع الضرائب وإرسال المجندين إلى العسكرية. كان هؤلاء الفرسان محرومين من امتلاك أي عقار كما كانوا يعاقبون بالعزل وتولية غيرهم عندما يتم التأكد من عدم قيامهم بواجباتهم على النحو الصحيح.
كانت الدولة بفضل هذا النظام قادرة على استمرار استصلاح الأراضي الزراعية الأميرية وتأمين مردود ثابت منها بشكل مستمر، مع احتفاظها الحصري الدائم بامتلاكها. هكذا كانت الدولة قادرة على جباية ضرائبها محلياً على أتم وجه كما كانت قادرة على تأمين موارد جيش قوامه 80 ألف فارس دون تأخير أو انقطاع يكون ولاؤهم للدولة دون غيرها.
استمر هذا النظام المعروف بنظام الاستمالة أو نظام (تيمار) طيلة القرن السادس عشر حتى منتصف القرن السابع عشر، ثم بدأت تجري عليه بعض التعديلات والإصلاحات لأسباب متنوعة لغاية تركه بالكامل واعتماد اسلوب جديد لِجباية الضرائب واستصلاح الأراضي.
نظام الأراضي في جزيرة كريت
اعتمدت الدولة العثمانية اساليب مختلفة لدعم وجودها في جزيرة كريت وتمويل استمرار حملتها العسكرية على الجزيرة لغاية استكمال فتحها وسقوط مدينة قندية.
كان من أول ما قامت به الدولة العلية العثمانية هناك هو تطبيق نظام التحرير وإجراء مسح كامل لكل الأراضي والممتلكات المنتجة في المناطق التي تم فتحها. وعلى الفور بدأ في مدينة خانيا نظام الإقطاعيات الكبيرة التي بدأت أعمالها وبذلت مجهودها بشكل منظم. من ضمن هذا السياق، بتاريخ 13 آذار/مارس من عام 1650 أمر الدفتردار (وزير المالية) محمد باشا بإجراء المسح الكامل للأراضي والممتلكات حسب مقتضيات قانون التحرير في المناطق التي تم فتحها من الجزيرة. وقد أتم محمد باشا كتابة تقريره المفصل بين الرابع والرابع عشر من شهر تشرين الثاني عام 1650 بناءً على هذا المسح والتقرير، تم تقسيم الجزيرة إلى أربع محافظات إدارية هي خانيا وريسمو وقندية وايستية تابعة كلها لإقطاعية خانيا، كما تم إلحاق عشرين ناحية بهذه المحافظات الأربع.
لقد كان أول سجل تحرير جزيرة كريت هو سجل العام 1650 وقد أضيف إليه وثيقة القوانين المخصصة لولاية خانيا. كان البند الثالث من هذه الوثيقة قد خُصص لقوانين رعاية المناطق الريفية في الجزيرة، وكان على الشكل التالي:
- مع بداية الحكم العثماني للجزيرة، تصبح الأراضي فيها تابعة حكماً للقوانين المرعية والمطبقة في بقية أراضي الدولة العثمانية ويطبق عليها النظام العشري.
- يتوجب على القرويين الكريتيين تقديم عشر محاصيلهم من البقليات والحبوب للدولة العثمانية.
- يتوجب على رعايا الولاية تقديم عشر ما ينتجونه من محاصيل الزيتون والقطن والحبال. كما سيتعين على الرعايا المسلمين الذين سكنوا الجزيرة واستقروا فيها أن يدفعوا نفس النسبة أيضاً للدولة وهي العشر من إجمالي الإنتاج.
إن قانون تحرير الأراضي الذي تم تطبيقه في مدينة خانيا عام 1650 قد طبق بنفس الطريقة في مدينة ريسمو وريفها. إذ يظهر في الوثائق العثمانية نص القانون المؤرخ في العام 1651/1652 الذي أرسل إلى قرية كاستيلو الواقعة ضمن حدود مدينة ريسمو والذي نص على ضريبة العشر بالطريقة المعتمدة نفسها في القانون الساري في مدينة خانيا.
بموجب الوثيقة القانونية المؤرخة عام 1650 والمتعلقة بنظام الأراضي، قد يخيل للمرء أن نظام الاستمالة قد تم تطبيقه في كريت كما جرى شرحه مسبقاً وبنفس التفاصيل والطريقة المعمول بها في الممالك العثمانية الأخرى، إلا أن السجلات الشرعية التابعة لمحافظة ريسمو تشير بوضوح إلى المقاومة الكبيرة التي قام بها السكان المحليون برفضهم الانصياع لنظام الأراضي العثماني كما هو اعتباراً من العام 1651.
إن نظام التمليك الخاص كان معمولاً به في جزيرة كريت منذ أيام حكم البنادقة للجزيرة، لذلك كانت الملكيات الخاصة منتشرة بين الأهالي والسكان المحليين في كريت. واعتباراً من بدايات القرن السادس عشر فإن الأراضي قد فرزت وقسمت إلى قطع صغيرة واستملكت بإجمالها من قبل الأهالي المحليين، بل إن قسماً منها قد استُملك من قبل طبقات اجتماعية هي دون ما كان يعرف وقتها بطبقة النبلاء في الجزيرة. لقد كان معظم المزارعين في الأرياف والقرى يعملون في مزارعهم الخاصة وكانت قلة قليلة منهم يعملون أُجراء في مزارع ليست لهم. بين هذين الصنفين، أي القرويين المالكين وغير المالكين للمزارع والأراضي، كان هناك صنف ثالث يدعى (غونيكاري) وهم القرويون الذين يعملون في أراضٍ ليست ملكاً لهم، ولكنهم كانوا يديرونها طيلة حياتهم ويورثونها لأبنائهم بعد مماتهم. لقد استلمت الدولة العثمانية جزيرة كريت وهي محكومة بهذه الأنظمة والأعراف.
ولكن النظام التقليدي لقانون الأراضي في الدولة العثمانية كان له هدف مختلف ورؤية أخرى. فقد كان القروي المنتج في مزرعة معينة يدفع بدل إيجار استثماره للأرض إلى الدولة دون أن يملك أي حق في البيع والتوريث والهبة والوقف، ولكن السجلات الشرعية في مدينة ريسمو كانت مليئة بمن كان يخرق هذا القانون ولا ينصاع لأوامره.
لقد عُثر في هذه السجلات على 87 حالة بيع للأراضي في أرياف ريسمو في الفترة الممتدة بين نيسان 1652 وشباط 1658، وكانت هذه الأراضي زراعية ومنتجة في معظم حالات البيع التي تم التثبت من حصولها.
في الواقع كانت السجلات في كريت تشير إلى حصول عمليات بيع الممتلكات الفردية بمختلف الأشكال، إما على شكل بيع أرض أو مزرعة أو مجموعة من الأملاك مع بعضها البعض. في الفترة المذكورة سابقاً تم بيع 30 حقلاً، و19 حقل زيتون، حقلاً واحداً مزروعاً بتسعة وعشرين شجرة زيتون وتسع أشجار فاكهة، 9 مزارع، 13 طاحونة ماء وهواء وزيت، 27 كروم عنب، 2 معمل زيوت، و6 معاصر نبيذ.
كام من بين هؤلاء الذين قاموا بعمليات البيع 61 شخصاً غير مسلم، 18 مسلم، و8 أشخاص من الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً. أما الذين قاموا بشراء هذه الممتلكات فكانوا على الشكل التالي: 58 مسلماً و27 غير مسلم، واثنان منهم كانت عملية الشراء شراكة بين مسلم وغير مسلم. ويتبين من عمليات البيع الحاصلة في تلك الفترة انتقالا واضحاً للملكيات من قبل غير المسلمين لمصلحة المسلمين، الحاكمين الجدد لجزيرة كريت.
وبين كانون الثاني 1651 وآب 1657 وجد في السجلات تغيير أسماء المالكين على شكل توريث عقارات في المدن والضواحي بلغ تعدادها 22 عقاراً. من ضمن هذه الأملاك التي تم توريثها كان هناك 12 حقلاً، 8 كروم عنب، طاحونتان، 8 حقول زيتون ومزرعة واحدة. وكان الوارثون والمورثون جميعهم من غير المسلمين حسب ما ورد في السجلات الشرعية، إلا أن واحداً من الورثة كان من الذين اعتنقوا الإسلام حديثاً.
وبين آب 1654 وتموز 1657 نجد أن هناك قيداً لواحد وعشرين (21) هبة، ثمانية منها في المدينة، 12 في الأرياف، وواحدة غير معروفة المكان. الجدير بالذكر أن كل الأملاك الموهوبة كانت عبارة عن أراضٍ زراعية، منها ثمانية حقول، 5 أراضي زيتون، 4 كروم عنب، بستان واحد وحقل قمح واحد. كما تم العثور على هبات أخرى عبارة عن 13 منزلاً منها ثلاثة في متهالكة (أنقاض). من الواهبين 11 غير مسلم وعشرة من المسلمين.
مع ما تقدم ذكره، يبدو واضحاً أن القانون العثماني للأراضي المؤرخ عام 1650 لم يدخل حيز التنفيذ في جزيرة كريت بالشكل المطلوب وأن خروقات عديدة مورست من قبل المسلمين وغير المسلمين على حدٍ سواء. وقد وجدت الحكومة العثمانية ضرورة تغيير بعض الأصول والقوانين في كريت بعد استكمال فتحها بسقوط مدينة قندية لاحقاً. وبهذا قررت الحكومة المركزية قوانين تحرير جديدة للأراضي في جزيرة كريت.
تطبيق النظام الجديد للأراضي في جزيرة كريت
انتهت العملية الافتراضية لمسح الأراضي في عموم كريت عام 1670، وقد صدر عن ذلك سجلان مفصلان، واحد منهما مخصص لمحافظتي خانيا وريسمو بينما كان الآخر لقندية وإيستيا. وقد بدأ السجل المخصص لقندية وإيستيا بوثيقة قانون جديد للأراضي والأملاك مدون في الصفحة الثانية وحتى الخامسة من السجل المذكور. تقول هذه الوثيقة بوضوح أن نظام 1650 لم يعد مطبقاً بعد اليوم وأن قانوناً جديداً اسمه ضريبة الأراضي قد دخل حيز التنفيذ.
يوجد في هذه الوثيقة بيان لكل سكن قبل حكم العثمانيين لكريت ولم يغادرها أن تبقى جميع الأراضي التي كان يستثمرها ويدير شؤونها في يده وتحت تصرفه كما كانت عليه من قبل شرط أن يقوم بدفع الجزية وضريبة المحصول للدولة العلية. وقد قسمت الضريبة إلى نوعين بحسب نوع المزروعات في الأراضي فهي إما ضريبة مقسمة إذا كانت الأرض مزروعة بالحبوب والبقليات والزيتون، أو ضريبة مقطوعة إذا كانت الأرض بستاناً أو مزرعةً أو حقلاً لكرمة العنب.
ابتداء من العام 1670 أصبحت كل الأراضي:
- ملكاً لصاحبها الذي يعمل فيها ويدير شؤونها.
- قابلة للبيع والهبة والوقف بحسب ما يراه المالك مناسباً.
- تنتقل بالملكية إلى الورثة عند وفاة مالكها الأصلي بالشراكة أو الانفراد
- تصادر من مالكها عند فراره آو العجز عن زراعتها بالشكل المناسب وتؤجر إلى من يستطيع استثمارها بالطريقة الصحيحة على أن يدفع خراجها للدولة. ولا يعفى المسلمون من هذا البند من القانون ويكلفون بدفع خراج الأراضي التي يستثمرونها إلى الدولة بنفس الطريقة دون تغيير ولا تفرقة.
إن تبدل نظام الأراضي في جزيرة كريت بهذا الشكل الجذري خلال فترة لم تتجاوز العشرين عاماً هو مدعاة للكثير من التفكير والتحليل.
لقد حاولت الباحثة إيفانجيليا بالطا أن تجد تفسير نظام الأراضي الجديد والقوانين المرعية في جزيرة كريت بعد فتحها في الأسس الفقهية للشريعة الإسلامية، ولكنها نوهت الوقت نفسه أن الحكام الجدد لم يتوانوا عن مراعاة طريقة العيش السابقة والنظام الذي كان سارياً في الجزيرة قبل حكمهم لها لتوطيد نفوذ العثمانيين في الجزيرة.
أما عمر لطفي بارقان مؤسس تاريخ الاقتصاد في الجمهورية التركية فقد قال إن وجود قانونين متضادين ومختلفين لنظام الأراضي في السلطنة العثمانية في نفس الوقت بعد فتح الجزيرة، وادعاء العثمانيين أنهم يطبقون الأصول والعادات الإسلامية في القوانين التي يسنونها ويطبقونها على الأراضي الموجودة في جزيرة كريت هي في الحقيقة بداية إلغاء النظام الميري للأراضي العثمانية الموجودة في عموم بلاد السلطنة كلها.
وبحسب ما يراه، فإن من أهم أسباب ذلك هو وجود الملكية المطلقة للأراضي في كريت قبل دخول العثمانيين إليها، وأن الشروط الاقتصادية والاجتماعية في كريت قد فرضت على الحكام الجدد أن يفتشوا في كتب الفقه عن مخرج لتأمين استمرارية ما كان موجوداً في الجزيرة من قوانين وأعراف. وبذلك يكون نظام العشر أو الضريبة الجديدة التي تبقي على ملكية الأشخاص هو استثناء فريد لجزيرة كريت من بين جميع الأراضي التي كانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية.
ويمكن أن نوجز المسألة فنقول أن الحصار الذي ضربه العثمانيون على جزيرة كريت كان طويلاً ومكلفاً بشكل أُجبروا فيه على إبقاء الأصول والنظم والأعراف التي كان يعمل بها في الجزيرة بعد أن فشلوا في تطبيق عاداتهم وأنظمتهم. لقد اضطروا مكرهين على قبول النظم السابقة بعد استكمال فتح كريت بسقوط مدينة قندية. صحيح أن العثمانيين استطاعوا فتح كريت، ولكن الحقيقة تقول أن كريت قد فتحت باب تغيير قوانين الملكية ونظام الأراضي في الدولة العثمانية التي استطاعت بعد صعوبات كثيرة أن تبسط سلطتها على الجزيرة وتسيطر على ترابها.
المراجع
- نهاية الحكم العثماني في جزيرة كريت وهجرة المسلمين، د. علي إبراهيم بكراكي ود. وسيم ابراهيم بكراكي
- جزيرة كريت في التاريخ العربي والإسلامي، تحسين علي الكريدلي، ردمك 978-9957-620-73-8