الغرب او العالم الحر الديمقراطي و المدافع عن مبادئ الديمقراطيه دائما يفاجئنا بدفاعه عن قضايا الحريه الدينيه و الحريه الشخصيه و الحريه الفكريه. فيكرم الغرب شخصيات يعتبرها تحرريه و تنشر مبادئ الغرب الديمقراطيه. تلك المبادئ التي أدت الى مقتل ما يزيد على المليون و نصف عراقي و تشريد حوالي خمسة ملايين عراقي اصبحوا لاجئين في جميع دول العالم.
هذا العالم الحر الذي ما ينفك يقتل المدنيين في أفغانستان و باكستان. هذا العالم الحر الذي يزود حكومة جنوب السودان بالسلاح و يدفعها الى الانفصال عن الجسد الأم. الغرب و مبادئه التي ما ينفك يتغنى بها طالعنا في الأشهر الأخيره بقضية امرأة إيرانيه تدعى “سكينة آشتياني” تآمرت على زوجها بالتعاون مع عشيقها و قاموا بقتله و حين ألقي القبض عليها و اعترفت و حكم عليها بالإعدام، بدأ الاعلام الغربي يتهم ايران بالديكتاتوريه و مناهضة حقوق المرأه و بدأت مؤسسات المجتمع المدني بالتحرك اعلاميا و بالضغط على الحكومات لإرغام إيران على ابطال حكم الإعدام بحق “سكينة آشتياني”. تقول مؤسسات حقوق الإنسان الأوروبية و الأمريكية أن السلطات الإيرانية مارست التعذيب لنزع الإعتراف من آشتياني.
غريب جدا هذا الغرب بل عجيب جدا، ما يدعوا للعجب هو الصمت المطبق تجاه انتقاص حقوق الإنسان في الكثير من الدول العربية بل إن قوات الأمن في بعض الدول العربية تقوم بتعذيب المعتقلين السياسيين على العلن و لا نسمع إلا انتقادات على استحياء. و لكن فلندع تلك القصص جانبا الآن و لنقارن بين رد فعل الغرب تجاه ملف آشتياني و رد الفعل تجاه قضية الطفلة جميلة الهباش.
جميلة الهباش هي طفلة عربية فلسطينية تعيش في قطاع غزة أصيبت بشظية قذيفة فسفورية محرمة الإستعمال في الحروب أثناء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أوائل العام 2009، تلك الإصابة أدت إلى بتر ساقي جميلة و قد كتب فيها الشاعر “حيدر محمود” القصيدة التالية:
’’ إلى الطفلة الغزيّة ، التي هزمت بساقيها جيش اسرائيل!!‘‘
فــــدىً لســـــاقــيكِ سيـقانُ الملاييـــــن *** القاعديــن بلا دنيــــــــا ولا ديــــــــــن!
والمُقعدينَ …… فـــلا ريـــــحٌ تحركهـم *** ولا يحـركـهم جمـــر البراكـــــــــــــين!
يا أجمل ’’ الملكات ‘‘ الجالســات على *** عرش من ’’ الشوك ‘‘ أزرى بالرياحين!
يغار منك الرضا ….والصبر قــــال لنا *** تعلموني …من ’’الصبر الفلســـطيني‘‘!
ذات’’الجناحين‘‘ طيري في السماء فما *** يليق بالطهر ، أن يمشــــي على الطـين !.
حين أصيبت الطفلة جميلة و رأينا صورها عبر شاشة الجزيرة التي ترمز للتطرف حسب مبادئ الغرب الحر ذهلنا من هول المنظر، و لكن لم نر تلك الصور على شاشات التلفزة الغربية و لم نسمع صوت مسؤول أوروبي أو أمريكي يدين تلك الفعلة البشعة.
لماذا أيها الغرب تختار سكينة و تترك جميلة، بأي ذنب بترت ساقي جميلة؟ إن مبادءاً لا تحترم حقوق الإنسان و لا تقدر إلا مصالحكم لا نريدها و لا نعدها مبادئ نزيهة بل انها مشبوهة.
صور آشتياني رأيناها محمولة في مظاهرات نسائية في أوروبا و أمريكا و لم نر صور جميلة الهباش إطلاقا!
الإعلام الغربي يوجه سهامه إلى ما تراه الحكومات الغربية يصب في صالحها و يتنصل مما لا تراه في صالحها أو ما لا تراه مهماً.
إن الهجوم الذي شنته القوات العراقية على الكنيسة في بغداد منذ حوالي الأربعين يوماً لم يكن بعيداً عن العين الأمريكية التي سمحت بوقوع المجزرة لتلعب على حق المسيحيين بحياةٍ أفضل في الشرق تلك الحياة التي عاشوها بسلام في ظل نظام صدام حسين الذي لم يتسرب أي شيئ يسيء بوطنيته في تسريبات ويكيليكس.