يمكن أن يساهم ارتفاع الكوليسترول والالتهابات المزمنة في تراكم الترسبات وتضيق الشرايين، مما يزيد من خطر الإصابة بجلطات الدم.
يعد فحص الكوليسترول جزءًا مهمًا من تقييم صحة القلب، وهو جزء من الفحص البدني السنوي. تم ربط ارتفاع الكوليسترول (تحديدًا مستويات معينة من الكوليسترول في الدم، مثل الكوليسترول الضار – LDL) بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية، حيث أفادت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن أمراض القلب والأوعية الدموية كانت مسؤولة عما يقرب من 32 بالمائة من الوفيات العالمية في عام 2019.
ما لا يدركه معظم الناس هو أن الخثار، وهو المصطلح الطبي لتكوين جلطات الدم، غالبًا ما يكون السبب الأساسي لكل من النوبة القلبية والسكتة الدماغية. الجلطة الدموية عبارة عن مجموعة صلبة جزئيًا من الدم يمكن أن تتكون في الشرايين أو الأوردة، مما يمنع تدفق الدم إلى تلك المنطقة. اعتمادًا على مكان تشكل الجلطة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية أو تجلط الأوردة العميقة أو الانسداد الرئوي.
كيف يمكن أن يسبب ارتفاع الكوليسترول جلطات الدم
ترتبط مستويات الكوليسترول المرتفعة بتكوين الجلطة الدموية بطريقتين. تعتبر مستويات الكوليسترول العالية النوعية أحد عوامل الخطر الرئيسية لتصلب الشرايين، وهو تراكم اللويحات الدهنية على جدران الشرايين وداخلها. وفقًا لجمعية القلب الأمريكية (AHA)، تتكون اللويحات من الكوليسترول والدهون وفضلات الخلايا والكالسيوم والليفين وهو مادة بروتينية ليفية بيضاء (الذي يسبب تخثر الدم).
مع استمرار نمو اللويحات الدهنية، يمكن أن تضيق الشرايين وتحد من وصول الدم إلى أعضائك الحيوية. يمكن أن يسبب هذا أعراضًا، مثل الذبحة الصدرية، والتي تنتج عن نقص إمداد القلب بالدم، وغالبًا ما تظهر على شكل ألم في الصدر أثناء المجهود. يمكن أن يؤدي انخفاض تدفق الدم إلى الساقين أيضًا إلى ألم الساق أثناء التمرين، وهي حالة تعرف باسم العرج المتقطع؛ عادةً ما تكون الحالة من أعراض مرض الشريان المحيطي، تضيق الشرايين في الأطراف.
فيما يتعلق بالعلاقة بين ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وتكوين جلطات الدم، فإن الخطر يكمن في تمزق إحدى هذه اللويحات. تقول الدكتورة ندى شعبان، طبيبة أمراض القلب في المركز الطبي بجامعة راش في الولايات المتحدة: “عندما يكون لديك مستويات عالية من الكوليسترول، يمكن أن تدخل جزيئات الكوليسترول في جدران الشريان، مما يتسبب في تلفها”. يمكن أن يتسبب تكوين اللويحات في انتفاخ جدران الشرايين، مما يؤدي إلى إضعافها نتيجةً لذلك. هناك أدلة متزايدة في مجتمع البحث على أنه بينما ترتبط الارتفاعات في مستويات معينة من الكوليسترول بزيادة خطر تكوين جلطة الدم، فإن السبب الجذري قد يكون التهابًا مزمنًا (من عوامل وسلوكيات نمط الحياة غير الصحية حول النظام الغذائي، وقلة النشاط، والتوتر، من بين أمور أخرى).
إذا تمزقت إحدى هذه اللويحات، فإن هذا يَنشُر المادة الدهنية الموجودة بداخلها للدم، مما يؤدي إلى تكوين جلطة دموية. يمكن أن تنمو الجلطة بسرعة في الحجم حتى تسد الشريان وتمنع تدفق الدم الطبيعي.
يؤدي انسداد شرايين القلب إلى الإصابة بنوبة قلبية، بينما يؤدي انسداد شرايين الدماغ إلى الإصابة بسكتة دماغية.
هناك أيضًا أدلة إضافية تشير إلى أن ارتفاع الكوليسترول يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تكوين جلطات دموية في الأوردة، وهو ما يسمى “الانصمام الخثاري الوريدي” (VTE venous thromboembolism). اعتمادًا على مكان تشكل الجلطة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تجلط الأوردة العميقة أو الانسداد الرئوي. وفقًا لدراسة نُشرت في عدد يوليو 2019 من تصلب الشرايين والتخثر وبيولوجيا الأوعية الدموية، تم تحديد مستويات الكوليسترول الضار (LDL) كعامل خطر لتطوير الخثار الوريدي.
كيف يمكنك تقليل مخاطر الإصابة بجلطات الدم؟
تعد إدارة الكوليسترول جزءًا مهمًا من الحفاظ على صحة قلبك. الخطوة الأولى هي فحص الكوليسترول المنتظم. تقول الدكتورة شعبان: “يجب على جميع البالغين معرفة نسبة الكوليسترول لديهم وعلاقتها بمخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية العامة”.
إذا كنت تعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، فغالبًا ما يوصي طبيبك بتغييرات في نمط الحياة، مثل النظام الغذائي والتمارين الرياضية، للمساعدة في تقليل مستويات الكوليسترول والالتهابات الجهازية. قد يوصون أيضًا بأدوية لخفض الكوليسترول، والتي يمكن أن يكون لها أيضًا فائدة وقائية ضد الإصابة بالجلطات الدموية الوريدية وبالتالي الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية. يُظهر عدد من الدراسات القائمة على الملاحظة، بما في ذلك المراجعة المنهجية والتحليل التلوي لـ 36 دراسة نُشرت في عدد شباط/فبراير من مجلة أمراض الدم، أن الأشخاص الذين يتناولون العقاقير المخفضة للكوليسترول لديهم مخاطر أقل للإصابة بالجلطات الدموية الوريدية. تبين أيضًا أن آلية تناول أدوية الستاتين، بالإضافة إلى خفض مستويات الكوليسترول لديهم، تعمل كمضاد للالتهابات. العقاقير المخفضة للكوليسترول هي أدوية موصوفة، لذا يجب أن تناقش مع طبيبك الفوائد والمخاطر والآثار الجانبية المحتملة للاستخدام طويل الأمد.
تقول د. شعبان: “إذا كنت تعاني من ارتفاع نسبة الكوليسترول، فيجب أن تكون يقظًا جدًا بشأن عوامل الخطر الأخرى في حياتك”، حيث أن الكوليسترول هو مجرد واحد من عدة عوامل خطر رئيسية مرتبطة بتصلب الشرايين. تشمل عوامل الخطر الأخرى التي يمكن التحكم فيها، والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بخيارات وسلوكيات المجتمع ونمط الحياة، ما يلي:
- ارتفاع ضغط الدم
- التدخين
- داء السكري
- البدانة
عندما يتعلق الأمر بإدارة الكوليسترول لديك، فمن المهم أن تكون استباقيًا، فكلما طالت مدة ارتفاع مستوياته لديك، زاد خطر الإصابة بتصلب الشرايين. يقول الأستاذ الدكتور سالم فيراني، دكتوراه في الطب، طبيب قلب في كلية بايلور للطب في هيوستن: “تبدأ إدارة الكوليسترول الاستباقية في سن مبكرة جدًا”. “إذا أردنا تعظيم تأثير التدخل، فيجب أن تبدأ هذه التغييرات في نمط الحياة في وقت مبكر جدًا، لأنه بحلول الوقت الذي نبلغ فيه 30 أو 40 عامًا، تكون هذه اللويحات قد تشكلت بالفعل في جدار الوعاء الدموي.”
استشر طبيبك الخاص أو أخصائي التغذية لوضع خطة من شأنها إدارة عوامل الخطر هذه بشكل أفضل وتقليل خطر الإصابة بتصلب الشرايين والجلطات الدموية.
المراجع
هل يمكن أن يسبب ارتفاع الكوليسترول جلطات الدم؟، تم استرجاع الصفحة بتاريخ 19-02-2022